@ 106 @ يرجع مهرعا لدينه ففعلوا ذلك وتكلم الناس ولا جهد لهم ولا قوة ثم تعدوا ذلك إلى أمر آخر وهو أن يقولوا للرجل المسلم إن جدك كان نصرانيا فأسلم فترجع أنت نصرانيا ولما تفاحش هذا الأمر قال أهل البيازين على الحكام فقتلوهم وهذا كان السبب الأعظم في التنصر قالوا لأن الحكم خرج من عند السلطان أن من قام على الحاكم فليس إلا الموت إلا أن يتنصر فينجو من الموت وبالجملة فإنهم تنصروا عن آخرهم بادية وحاضرة وامتنع قوم من التنصر واعتزلوا النصارى فلم ينفعهم ذلك وامتنعت قرى وأماكن كذلك منها بلفيق وأندرش وغيرهما فجمع لهم العدو الجموع واستأصلهم عن آخرهم قتلا وسبيا إلا ما كان من جبل بللنقة فإن الله تعالى أعانهم على عدوهم وقتلوا منهم مقتلة عظيمة مات فيها صاحب قرطبة وأخرجوا على الأمان إلى فاس بعيالهم وما خف من أموالهم دون الذخائر .
ثم بعد هذا كله كان من أظهر التنصر من المسلمين يعبد الله في خفية ويصلي فشدد النصارى في البحث عنهم حتى إنهم أحرقوا كثيرا منهم بسبب ذلك ومنعوهم من حمل السكين الصغيرة فضلا عن غيرها من الحديد وقاموا في بعض الجبال على النصارى مرارا فلم يقيض الله تعالى لهم ناصرا إلى أن كان إخراج النصارى إياهم جملة أعوام سبعة عشر وألف بعد أن ساكنوهم بغرناطة وأعمالها نحوا من مائة وعشرين سنة كانوا فيها تحت ذمة النصارى كما رأيت والأمر لله وحده ولما أجلاهم العدو عن جزيرة الأندلس خرجت ألوف منهم بفاس وألوف أخر بتلمسان ووهران وخرج جمهورهم بتونس فتسلط عليهم في الطرقات الأعراب ومن لا يخشى الله تعالى من الأوباش ونهبوا أموالهم وهذا ببلاد تلمسان وفاس ونجا القليل من هذه المضرة وأما الذين خرجوا بنواحي تونس فسلم أكثرهم وكذلك بتطاوين وسلا وبيجة الجزائر ولما استخدم سلطان المغرب الأقصى وهو المنصور السعدي منهم عسكرا جرارا وسكنوا سلا كان منهم من الجهاد في البحر ما هو مشهور وحصنوا قلعة سلا وهي رباط الفتح وبنوا بها القصور والحمامات والدور