@ 107 @ .
قال أبو العباس المقري في نفح الطيب وهم الآن يعني في حدود الثلاثين وألف بهذا الحال ووصل جماعة منهم إلى القسطنطينية العظمى وإلى مصر والشام وغيرها من بلاد الإسلام وانقضى أمر الأندلس وعادت نصرانية كما كانت أول مرة والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين .
وفي السنة التي استولى الإصبنيول على غرناطة انكشفت لهم أرض ماركان التي كانت مجهولة قبل هذا التاريخ لسائر الأمم وذلك أن الحكماء الأقدمين من اليونان وغيرهم أجمعوا على أن شكل الأرض كرة وأن الماء قد غمر أحد جانبيها كله بحيث صارت الأرض فيه كأنها بيضة مغرقة في طست ماء قد رسب فيه أكثرها وبرز أقلها وأجمعوا على أن هذا البارز منها هو المسكون ببني آدم وغيرهم من الحيوانات وهو المقسم إلى سبعة أقسام تسمى الأقاليم ولم يهتدوا إلى أن الجانب الآخر منكشف عنه الماء ولا أنه مسكون كهذا الجانب بل جزموا بأنه ماء صرف يسمى البحر المحيط واستمر هذا الاعتقاد عندهم ونقله الخلف عن السلف ووضعوا فيه التآليف العديدة إلى أن كانت سنة سبع وتسعين وثمانمائة وهي السنة التي استولى فيها الإصبنيول على غرناطة وسائر الأندلس فاتفق أن ظهر في تلك المدة رجل من فرنج جنوة اسمه كلنب بضم الكاف واللام كانت حرفته الملاحة والسفر في البحر وكان بعيد الهمة مولعا بالشهرة مغرى بالذكر وحسن الصيت فخطر بباله أن جانب الأرض الذي أغفل الحكماء الأولون ذكره وزعموا أنه بحر صرف ربما يكون مسكونا كهذا الجانب .
وكان جنس البرتغال في هذه المدة قد كثرت أسفارهم في البحر وملكوا عدة محال من جزائره الخالدات فحصل لكلنب الجنويزي بعض غيرة ونفاسة منهم وأراد أن يأتي بأعظم مما فعلوا فعزم على التلجيج في البحر المحيط والإبعاد فيه عسى أن يظفر بمراده فتطارح على ملك البرتغال واسمه يومئذ يوحنا الثاني في أن يعينه على ما هو بصدده ويمده بما يكون سببا في نيل مقصده فلم يلتفت إلى قوله ولا عرج على رأيه ومن قبل ما كان أهل