@ 128 @ من البربر ويساكنهم فيه عوالم من صنهاجة ومضغرة وأوربة وغيرهم لكنهم قليل بالنسبة إلى المصامدة ويساكنهم فيه أيضا عالم من العرب أهل الخيام انتقلوا من جزيرة العرب إلى إفريقية ثم من إفريقية إليه أواخر المائة السادسة أيام الخليفة يعقوب المنصور الموحدي وهم اليوم قبائل عديدة يرجعون في نسبهم إلى رياح وجشم فأما رياح فهم من بني هلال بن عامر بن صعصعة وأما جشم فهم بنو جشم بن معاوية بن بكر وكلهم ينتهي نسبهم إلى مضر ويضاف إليهم قبائل أخر نحقق الكلام فيهم بعد هذا إن شاء الله .
ثم قد علمت أن كلامنا بالقصد الأول في هذا الكتاب إنما هو على المغرب الأقصى لكنا نتكلم أولا على أخبار المغرب مطلقا ونذكر أمراءه الموجهين من قبل الخلفاء بالمشرق على التفصيل ما دام نظرهم منسحبا عليه وظلهم ممتدا إليه إذ كان أمر الخلافة في صدر الإسلام متحدا وحكمها مجتمعا وكلمتها نافذة في جميع ممالك الإسلام شرقا وغربا بحيث لا يخرج قطر من الأقطار ولا مصر من الأمصار فيما بعد أو دنا عن الأرض عن نظر الخليفة الأعظم وقد كان ذلك دينا متبعا وحكما مجمعا عليه ولا تصح لأحد إمارة أو ولاية إلا بالإستناد إليه حتى إذا طال العهد وضعف أمر الخلافة وتقلص ظلها من القاصية تفرقت ممالك الإسلام البعيدة عن دارها وتوزعتها الثوار من بني هاشم وغيرهم واستبد الأمراء النازحون عنها كل بما غلب عليه وسار أمر الوحدة إلى الكثرة وحكم الإجتماع إلى الفرقة فلهذا نتكلم الآن على أخبار المغرب مطلقا ونذكر ولاته الموجهين إليه من قبل الخلفاء واحدا بعد واحد إلى زمن إدريس بن عبد الله المستبد بملك المغرب الأقصى والمقتطع له عما عداه من الممالك الإسلامية فحينئذ نفرد الكلام عليه بخصوصه على ما شرطناه فأما الآن فلا يمكننا الكلام عليه وحده لأنه والحالة هذه مندرج في غيره من ممالك المغرب إذ الوالي الموجه من قبل الخليفة في صدر الإسلام كان يكون واليا على إفريقية وما بعدها من بلاد المغرب إلى البحر المحيط وقد تضاف إلى نظره الأندلس بل كان الوالي