@ 186 @ المتهمين بالخوض في الفتنة يناهزون المائتين فاعتقلهم وأركبهم الأسطول إلى المغرب فاطمأن الناس وسكنوا وتوافت لديه وفود الذواودة من كل جهة فأجزل صلاتهم ووفد عليه عامل الزاب يوسف بن مزني فأكرم وفادته ثم ارتحل إلى تلمسان غرة جمدى الأولى من السنة ومعه شيوخ الذواودة ووجوه بجاية .
قال ابن خلدون وكنت يومئذ في جملتهم فجلس السلطان للوفد وعرض ما جنب إليه من الجياد والهدايا وكان يوما مشهودا وانصرفوا إلى مواطنهم فاتح شعبان من السنة المذكورة قال وانقلبت مع الحاجب بعد إسناء الجائزة والخلع والحملان من السلطان والوعد الجميل بتجديد ما إلى قومي ببلدي من الإقطاعات ولما احتل الحاجب ابن أبي عمرو ببجاية ضبط أمرها وأقام أودها وألح على قسنطينة بترديد البعوث وتجهيز الكتائب إلى أن أذعنوا للطاعة ومكنوه من تاشفين ابن السلطان أبي الحسن المنصوب هناك للفتنة وأوفد أبو زيد الحفصي صاحب قسنطينة ابنه على السلطان أبي عنان فقبل وفادته وشكر سعيه وانكفأ الحاجب ابن أبي عمرو إلى بجاية وأقام بها إلى أن هلك في المحرم سنة ست وخمسين وسبعمائة فذهب حميد السيرة عند أهل البلد وعقد السلطان أبو عنان على بجاية لعبد الله بن علي بن سعيد أحد وزرائه فنهض إليها في ربيع من سنة ست وخمسين المذكورة فاستقر بها وسلك سنن الحاجب قبله وسيرته وجهز العساكر إلى حصار قسنطينة إلى أن كان من فتحها ما نذكره بعد إن شاء الله $ خروج أبي الفضل ابن السلطان أبي الحسن ببلاد السوس ثم مقتله عقب ذلك $ .
قد تقدم لنا أن السلطان أبا الحسن لما ركب البحر من تونس إلى المغرب عقد على تونس لابنه أبي الفضل هذا وأنه لما أقلع عنها ثار أهل البلد وشيعة الحفصيين عليه فأخرجوه عنها ولحق بأبيه فكان معه إلى أن هلك وخلص الأمر إلى السلطان أبي عنان فلحق به هو وأخوه أبو سالم ففكر أبو