@ 187 @ عنان في أمرهما وخشي عاقبة ترشيحهما فأشخصهما إلى الأندلس ليكونا مع الغزاة والقرابة في إيالة السلطان أبي الحجاج يوسف بن الأحمر ثم ندم على ذلك ولما استولى على تلمسان والمغرب الأوسط ورأى أن قد استفحل أمره واعتز سلطانه أنفذ الرسل إلى أبي الحجاج في أن يشخصهما إليه لأن مقامهما عنده أحوط لجمع الكلمة بخلاف ما إذا غابا عن حضرته وخشي أبو الحجاج غائلته عليهما فأبى من إسلامهما اليد وأجاب الرسل بأنه لا يخفر ذمته ولا يسيء جوار المسلمين المجاهدين لديه فغضب السلطان أبو عنان لذلك وقام وقعد وأمر حاجبه ابن أبي عمرو أن يكتب إله ويبالغ في التوبيخ واللوم ففعل الحاجب المذكور .
قال ابن خلدون وقد أوقفني الحاجب على ذلك الكتاب ببجاية فقضيت عجبا من فصوله وأغراضه ولما قرأه أبو الحجاج ابن الأحمر دس إلى أبي الفضل وكان أكبر الأخوين باللحاق بالطاغية وكانت بينهما ولاية ومخالصة فنزع إليه أبو الفضل وجهز الطاغية له أسطولا أركبه فيه وأنزله بساحل السوس من أرض المغرب ونذر السلطان أبو عنان بذلك فأوعز إلى قائد أسطوله باعتراض أسطول الطاغية فاعترضه وأوقع به وكتب ابن الأحمر أثناء ذلك كتابا إلى السلطان أبي عنان يعتذر عن أمر أبي الفضل من إنشاء وزيره لسان الدين ابن الخطيب ونصه .
المقام الذي شهد الليل والنهار بأصالة سعادته وجرى الفلك الدوار بحكم إرادته وتعود الظفر بمن يناويه فاطرد والحمد لله جريان عادته فوليه متحقق لإفادته وعدوه مرتقب لإبادته وحلل الصنائع الإلهية تضفو على أعطاف مجادته مقام محل أخينا الذي سهم سعده صائب وأمل من كاده خاسر خائب وسير الفلك المدار في مرضاته دائب وصنائع الله تعالى له تصحبها الألطاف العجائب فسيان شاهد منه في عصمة وغائب السلطان الكذا ابن السلطان الكذا أبقاه الله تعالى مسددا لسهم ماضي العزم تجل سعوده عن تصور الوهم ولا زال مرهوب الحد ممتثل الرسم موفور الحظ من نعمة الله تعالى عند تعدد القسم فائزا بفلج الخصام عند لد الخصم معظم قدره