@ 164 @ بالقتال وترواحه وتعوج عليه تارة وتستقيم أخرى وطال مقامه بها وعميت أنباؤه على أهل المغرب وحدث في الخلق الوباء العظيم الذي عم المشرق والمغرب فأرجف بموته واضطربت الأحوال بالمغارب الثلاثة الأدنى والأوسط والأقصى واتصل ذلك بالأمير أبي عنان وهو يومئذ بتلمسان كان أبوه قد ولاه عليها عند ذهابه إلى إفريقية حسبما مر فلما أرجف بمهلك أبيه وتساقط إليه الفل من عسكره عراة زرافات ووحدانا تطاول إلى الاستئثار بملك أبيه دون سائر إخوته وكان مرشحا عنده لذلك لمزيد فضله عليه في غير وصف واتفق أن كان عنده رجل من بني عبد الواد اسمه عثمان بن يحيى بن محمد بن جرار وكان ينسب إلى علم الحدثان ولما سافر السلطان إلى إفريقية كان هذا الرجل أول المرجفين به وأنه لا يرجع من سفرته وأن الأمر صائر إلى أبي عنان ونجع ذلك في أبي عنان لموافقته هواه فاشتمل على ابن جرار وخلطه بنفسه فلما ورد الخبر بنكبة السلطان وانحصاره أولا بالقيروان ثم بتونس لم يستزب أبو عنان في صدق ابن جرار وأنه على بصيرة من أمره فتحفز للوثبة وصمم على الثورة ثم أكد عزمه على ذلك ما اتصل به من خبر ابن أخيه منصور بن أبي مالك عبد الواحد بن أبي الحسن بفاس الجديد وأنه ثار بها وفتح ديوان العطاء واستلحق واستركب ورام التغلب على المغرب واحتياز الأمر لنفسه دون غيره وروى في ذلك بأنه إنما عزم على الذهاب إلى إفريقية لاستنفاذ السلطان من هوة الحصار يسر من ذلك حسوا في ارتغاء وتفطن لشأنه الحسن بن سليمان بن يزريكن عامل القصبة بفاس وصاحب الشرطة بالضواحي فاستأذنه في اللحاق بالسلطان فأذن له راحة منه فلحق بأبي عنان على حين أمضى عزيمته على التوثب فأخرج ما كان بقصر السلطان بالمنصورة من المال والذخيرة وجاهر بالدعاء لنفسه وجلس للبيعة بمجلس السلطان من قصره في ربيع الثاني من سنة تسع وأربعين وسبعمائة فبايعه الملأ وقرأ كتاب بيعتهم على الأشهاد ثم بايعه العامة وانفض المجلس وقد استتب سلطانه ورست قواعد ملكه وركب في التعبية والآلة حتى نزل بقبة الملعب وطعم الناس وانتشروا وعقد على وزارته للحسن بن سليمان بن