@ 161 @ فكان في قلبه من الدولة المرينية مرض وكان العرب أيام عزمهم على الخروج يفاوضونه بذات صدورهم فلما حصلوا على البغية من الظهور على السلطان وحصاره بالقيروان احتالوا في أمر ابن تافراجين فبعثوا إلى السلطان يطلبون منه بعثه إليهم ليفاوضوه في الرجوع إلى الطاعة والانخراط في سلك الجماعة فأذن له فخرج إليهم ووصل يده بيدهم ولم يرجع الى السلطان أبي الحسن فقلدوه حجابة سلطانهم ابن أبي دبوس ثم سرحوه إلى حصار من بالقصبة من بني مرين وطمعوا في الإستيلاء عليها وفض ختامها فسار ابن تافراجين إليها وانضم إليه أشياخ الموحدين في زعانف من الغوغاء وأحاطوا بالقصبة ثم لحق بهم ابن أبي دبوس فعاودوها القتال ونصبوا عليها المجانيق فامتنعت عليهم ولم يغنوا شيئا وابن تافرجين في أثناء ذلك يحاول الفرار بنفسه لاضطراب الأمور واختلال الرسوم إلى أن بلغه خلوص السلطان أبي الحسن من القيروان إلى سوسة .
وكان من خبره أن العرب بعد حصارهم إياه بالقيروان اختلفت كلمتهم لديه وكان قد دخل أولاد مهلهل في الإفراج عنه واشترط لهم على ذلك أموالا ونذر بنو أبي الليل بذلك فاضربت كلمتهم ودخل عليه قتيبة بن حمزة منهم بمكانه من القيروان زعيما بالطاعة فتقبله وأطلق أخويه خالدا وأحمد ومع ذلك فلم يطمئن إليهم ثم جاء إليه محمد بن طالب من أولاد مهلهل وخليفة بن أبي زيد وأبو الهول بن يعقوب من أولاد القوس وعاهدوه على الإفراج عنه والقيام معه حتى يصل إلى مأمنه فخرج معهم ليلا على التعبية وذؤبان العرب تطأ أذياله وضباعها تنوشه إلى أن استقر بسوسة وأمن على نفسه وقد أتى النهب على جل ما كان معه ولما سمع ابن تافراجين وهو محاصر للقصبة بوصول السلطان إلى سوسة تسلل من أصحابه وركب البحر إلى الإسكندرية فأصبحوا وقد فقدوه فاضطرب أمرهم وارتاب سلطانهم ابن أبي دبوس لما علم بخبره فانفض جمعهم عن القصبة وأفرجوا عنها وخرج بنو مرين فملكوا البلد وخربوا منازل الحاشية بها ثم ركب السلطان أبو الحسن من سوسة البحر فاحتل بتونس في ربيع الآخر سنة تسع وأربعين