@ 160 @ ارتحل من ساحة تونس يريد العرب فوافاهم بالموضع المعروف بالتينة بين بسيط تونس وبسيط القيروان فأجفلوا أمامه فأتبعهم وألح عليهم إلى أن وصلوا إلى القيروان فلما رأوا أن لا ملجأ لهم منه عزموا على الثبات له وتحالفوا على الإستماتة وكان عسكر السلطان أبي الحسن يومئذ مشحونا بأعدائه من بني عبد الواد المغلوبين على ملكهم ومغراوة وبني توجين وغيرهم فدسوا إلى العرب أثناء هذه المناوشة بأن يناجزوا السلطان غدا حتى يتميزوا إليهم ويجروا عليه الهزيمة فأجابوهم إلى ذلك وصبحوا معسكر السلطان من الغد فركب إليهم في التعبية ولما تقابلوا تحيز إليهم الكثير ممن كان معه واختل مصافه فانهزم هزيمة شنعاء وبادر الى القيروان فدخلها فيمن معه من الفل مستجيرا بها ودافع عنه أهلها وتسابقت العرب إلى معسكره فانتهبوه بما فيه من المضارب والعدد والآلات ودخلوا فسطاط السلطان فاستولوا على ذخيرته والكثير من حرمه وأحاطوا بالقيروان وزحفت إليها حللهم فدارت بها سياجا واحدا وتعاوت ذئابهم بأطراف البقاع وأجلب ناعق الفتنة منهم بكل قاع واضطرمت إفريقية نارا وكانت الهزيمة يوم الإثنين سابع محرم من سنة تسع وأربعين وسبعمائة وبلغ الخبر إلى تونس وكان السلطان قد خلف بها عند رحيله الكثير من أبنائه وحرمه ووجوه قومه وأمناء بيت ماله وبعض الحاشية من جنده فتحصنوا بالقصبة وأحاط بهم الغوغاء كي يستنزلوهم عنها فامتنعوا عليهم وكانوا بها أملك منهم وكان الأمير أبو سالم إبراهيم بن السلطان أبي الحسن قد جاء من المغرب في هذا التاريخ فوافاه الخبر قرب القيروان فانفض معسكره ورجع إلى تونس فكان معهم في القصبة ثم نزع أبو محمد بن تافراجين عن السلطان أبي الحسن وكان محصورا معه بالقيروان وكان قد سئم صحبته ومل خدمته لأنه كان أيام حجابته للسلطان الحفصي مستبدا عليه مفوضا إليه في جميع أموره فلما استوزره السلطان أبو الحسن لم يجره على تلك العادة لأنه كان قائما على أموره بنفسه وليس التفويض للوزراء من شأنه وكان ابن تافراجين يظن أنه سيوكل إليه أمر إفريقية وينصب معه لملكها الفضل ابن السلطان أبي بكر شقيق زوجته وربما زعموا أنه عاهده على ذلك