@ 107 @ وتفويض الأمر ولما تبين للأمير أبي علي اختلاف أمره بعث إلى أبيه في الصلح على أن يعوض سجلماسة وما والاها فأجيب إلى ذلك وفى له السلطان بما اشترط وارتحل إلى سجلماسة سنة خمس عشرة وسبعمائة فأقام بها دولة فخيمة واستولى على بلاد القبلة ودون الدواوين واستلحق واستركب واستخدم ظواعن العرب من بني معقل وافتتح معاقل الصحراء وقصور توات وتيكرارين وتامنطيت وغير ذلك .
وأما السلطان أبو سعيد فإنه دخل إلى فاس الجديد ونزل بقصره وأصلح شؤون ملكه وأنزل ابنه الأمير أبا الحسن بالدار البيضاء من قصوره وفوض إليه في سلطانه تفويض الاستقلال وأذن له في اتخاذ الوزراء والكتاب ووضع العلامة على كتبه وسائر ما كان لأخيه ووفدت عليه بيعات الأمصار بالمغرب ورجعوا إلى طاعته وفي سنة خمس عشرة وسبعمائة أمر السلطان أبو سعيد ببناء الباب أمام القنطرة من الجزيرة الخضراء ثم بعد ذلك أدار الستارة بالمدينة المذكورة وفيها سار إلى مراكش فأقام بها أياما حتى اصلح شؤونها وعاد إلى الحضرة .
وفي سنة ثمان عشرة وسبعمائة نكب السلطان أبو سعيد كاتبه منديل بن محمد الكناني وكان السبب في ذلك أنه لما ثار الأمير أبو علي على ابيه وخلعه انحاش إليه منديل هذا ثم لما اختل أمر أبي على عاد منديل إلى السلطان أبي سعيد وترتب في منزلته التي كان عليها قبل وكان الأمير أبو الحسن يحقد عليه لأجل انحياشه إلى أخيه لما كان بينهما من المنافسة وكان هو كثيرا ما يوغر صدر أبي الحسن بإيجاب حق أخيه عليه وامتهانه في خدمته فطوى له أبو الحسن على البث حتى إذا فصل أبو علي إلى سجلماسة وانفرد أبو الحسن بمجلس أبيه وخلاله وجهه أحكم السعاية في منديل عند أبيه وكان منديل كثيرا ما يغضب السلطان في المحاورة والخطاب دالة عليه وكبرا فاعتد السلطان عليه بشيء من ذلك مع ما كان ابنه أبو الحسن يغريه به فسخطه سنة ثمان عشرة وسبعمائة وأذن لابنه أبي الحسن في نكبته فاعتقله واستصفى أمواله وطوى ديوانه وامتحنه أياما ثم قتله بمحبسه