@ 106 @ .
ولما قفل السلطان أبو سعيد من تلمسان أواخر سنة أربع عشرة وسبعمائة أقام بتازا وبعث ولديه إلى فاس فلما استقر الأمير أبو علي بها حدثته نفسه بالقيام على أبيه وخلع طاعته فراوده المداخلون له على التربص حتى يمكر بأبيه ويقبض عليه باليد فابى واستعجل الأمر وركب الخلاف وجاهر بالخلعان ودعا لنفسه فأطاعه الناس ولم يتوقفوا عنه لما كان أبوه جعله إليه من أمرهم وعسكر بساحة البلد الجديد يريد غزو أبيه فبرز السلطان أبو سعيد من تازا في عسكره يقدم رجلا ويؤخر أخرى ثم بدا للأمير أبي علي في وزيره إبراهيم بن عيسى وعزم على القبض عليه لأنه بلغه أنه يكاتب أباه فبعث للقبض عليه عمر بن يخلف الفودودي وتفطن الوزير لما أراده من المكر به فقبض هو على الفودودي ونزع إلى السلطان أبي سعيد فتقبله ورضي عنه وكان الأمير أبو الحسن قد لحق بأبيه قبل ذلك نازعا عن جملة أخيه فقوي جناح السلطان بهما وارتحل إلى لقاء ابنه أبي علي ولما تراءى الجمعان بالمقرمدة ما بين فاس وتازا اختل مصاف السلطان وانهزم جريحا إلى تازا فتبعه ابنه أبو علي وحاصره بها ويقال إن أبا الحسن إنما لحق بأبيه بعد المحنة ثم سعى الخواص بين السلطان وابنه أبي علي بالصلح على أن يخرج له السلطان عن الأمر ويقتصر على تازا وجهاتها فقط فرضي السلطان بذلك وشهد الملأ من مشيخة العرب وزناتة وأهل الأمصار واستحكم العقد بينهما وانكفأ الأمير أبو علي راجعا إلى حضرة فاس مملكا على المغرب وتوافت إليه بيعات الأمصار ووفودهم واستوسق أمره .
ثم تدارك الله السلطان أبا سعيد بلطفه ورد عليه من حقه من حيث لا يحتسب وذلك أن الأمير أبا علي اعتل عقب وصوله إلى فاس واشتد وجعه حتى أشرف على الهلاك وخشي الناس على أنفسهم اختلال الأمر بموته فتسايلوا إلى والده السلطان أبي سعيد بتازا ولحق به سائر خواص الدولة وحملوه على تلافي الأمر وانتهاز الفرصة فنهض من تازا واجتمع إليه كافة بني مرين والجند وعسكر على البلد الجديد وأقام محاصرا له وابتنى دارا لسكناه وجعل لابنه الأمير أبي الحسن ما كان لأخيه أبي علي من ولاية العهد