@ 60 @ .
قلت معنى كلام الشافعي هذا أن علم التاريخ لما كان مطلعا على أحوال الأمم والأجيال ومفصحا عن عوائد الملوك والأقيال ومبينا من أعراف الناس وأزيائهم ونحلهم وأديانهم ما فيه عبرة لمن اعتبر وحكمة بالغة لمن تدبر وافتكر كان معينا على الفقه ولا بد وذلك أن جل الأحكام الشرعية مبني على العرف وما كان مبنيا على العرف لا بد أن يطرد باطراده وينعكس بانعكاسه ولهذا ترى فتاوي الفقهاء تختلف باختلاف الأعصار والأقطار بل والأشخاص والأحوال وهذا السبب بعينه هو السر في اختلاف شرائع الرسل عليهم الصلاة والسلام وتباينها حتى جاء موسى بشرع وعيسى بآخر ومحمد بسوى ذلك صلى الله على جميعهم وسلم تم فائدة التاريخ ليست محصورة فيما ذكرناه بل له فوائد أخر جليلة لو قيل بعدم حصرها ما بعد قال الجلال السيوطي رحمه الله من فوائد التاريخ واقعة رئيس الرؤساء المشهورة مع اليهود ببغداد وحاصلها أنهم أظهروا رسما قديما يتضمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بإسقاط الجزية عن يهود خيبر وفيه شهادة جماعة من الصحابة منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فرفع الرسم إلى رئيس الرؤساء وعظمت حيرة الناس في شأنه ثم عرض على الحافظ أبي بكر الخطيب البغدادي فتأمله وقال هذا مزور فقيل له بم عرفته قال فيه شهادة معاوية وهو إنما أسلم عام الفتح سنة ثمان من الهجرة وخيبر فتحت سنة سبع وفيه شهادة سعد بن معاذ وهو مات يوم بني قريظة وذلك قبل فتح خيبر فسر الناس بذلك وزالت حيرتهم اه قال العلامة القادري في الأزهار الندية وفي حدود صدر هذه المائة أعني المائة الحادية عشرة ظهر نحو هذا الكتاب المزور بمعناه والرفع على خطوطه بتاريخ سبع وعشرين وسبعمائة