@ 59 @ $ مقدمة في فضل علم التاريخ $ .
اعلم أن علم التاريخ من أجل العلوم قدرا وأرفعها منزلة وذكرا وأنفعها عائدة وذخرا وكفاه شرفا أن الله تعالى شحن كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه من أخبار الأمم الماضية والقرون الخالية بما أفحم به أكابر أهل الكتاب وأتى من ذلك بما لم يكن لهم في ظن ولا حساب ثم لم يكتف تعالى بذلك حتى امتن به على نبيه الكريم وجعله من جملة ما أسداه إليه من الخير العميم فقال جل وعلا ! < تلك القرى نقص عليك من أنبائها > ! وقال ! < وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك > ! وقال ! < لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب > ! وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يحدث أصحابه بأخبار الأمم الذين قبلهم ويحكي من ذلك ما يشرح به صدورهم ويقوي إيماناهم ويؤكد فضلهم وكتاب بدء الخلق من صحيح البخاري رحمه الله كفيل بهذا الشأن وآت من القدر المهم منه ما يبرد غلة العطشان قال بعضهم احتج الله تعالى في القرآن على أهل الكتابين بالتاريخ فقال تعالى ! < يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون > ! وحكى بدر الدين القرافي رحمه الله إن الإمام الشافعي رضي الله عنه كان يقول ما معناه دأبت في قراءة علم التاريخ كذا وكذا سنة وما قرأته إلا لأستعين به على الفقه