@ 105 @ المغرب اعتزم على غزو تلمسان فنهض إليها سنة أربع عشرة ولما انتهى إلى وادي ملوية قدم ابنيه الأميرين أبا الحسن وأبا علي في عسكرين عظيمين في الجناحين وسار هو في ساقتهما فدخل بلاد بني عبد الواد على هذه التعبية فاكتسح نواحيها واصطلم نعمتها ثم نازل وجدة فقاتلها قتالا شديدا فمتنعت عليه ثم نهض إلى تلمسان فنزل بالملعب من ساحتها وتحصن أبو حمو بالأسوار وغلب السلطان ابو سعيد على معاقلها وسائر ضواحيها فحطمها حطما ونسفها نسفا ودوخ جبال بني يزناسن وأثخن فيهم وانتهى في قفوله إلى وجدة ففر أخوه أبو البقاء يعيش وكان في معسكره من أجل استرابة لحقته من السلطان وسار إلى تلمسان فنزل على أبي حمو ورجع السلطان أبو سعيد على التعبية فانتهى إلى تازا فأقام بها وبعث ابنه الأمير أبا علي إلى فاس فكان من خروجه عليه ما نذكره $ خروج الأمير أبي علي على أبيه السلطان أبي سعيد والسبب في ذلك $ .
كان للسلطان أبي سعيد ولدان أحدهما وهو الأكبر من أمته الحبشية وهو أبو الحسن علي بن عثمان وثانيهما وهو الأصغر من علجة من سبي الفرنج وهو أبو علي عمر بن عثمان وكان هذا الأصغر أعلق بقلب السلطان وأحبهما إليه ولما استولى على ملك المغرب رشحه لولاية العهد وهو شاب لم يطر شاربه ووضع له ألقاب الإمارة وصير معه الجلساء والخاصة والكتاب وأمره باتخاذ العلامة في كتبه ولم يدخر عنه شيئا من مراسم الرياسة والملك وعقد على وزارته لإبراهيم بن عيسى اليريناني من كبار الدولة ووجوهها وكان أخوه الأكبر أبو الحسن شديد البرور بأبيه فلما رأى إقبال أبيه على أخيه علي انحاش هو أيضا إليه وصار في جملته وخلط نفسه بحاشيته طاعة لأبيه ومسارعة في هواه واستمرت حال الأمير أبي علي على هذا وخاطبه ملوك النواحي وخاطبهم وهادوه وهاداهم وعقد الرايات وأثبت في الديوان ومحا وزاد في العطاء ونقص وكاد يستبد بالأمر كله