@ 85 @ $ وفاة السلطان يوسف رحمه الله $ كان السلطان يوسف بن يعقوب بن عبد الحق رحمه الله قد اتخذ في جملة حاشيته ومماليكه خصيا اسمه سعادة وكان هذا الخصي قد تصير إليه من جهة أبي علي الملياني أيام كان عاملا له على مراكش وكان السلطان يوسف في ابتداء أمره يخلط الخصيان بأهله ولا يحجبهم عن حرمه وعياله ثم حدثت للسلطان ريبة في بعض الخصيان فأعتق جملة منهم كان فيهم عنبر الكبير عريفهم وحجب سائرهم فارتاعوا لذلك وفسدت نياتهم فسولت لهذا الخصي الخبيث نفسه الشيطانية الفتك بالسلطان فعمد إليه وهو في بعض حجر قصره فاستأذن عليه فأذن له فألفاه مستلقيا على فراشه مختضبا بحناء فوثب عليه وطعنه طعنات قطع بها أمعاءه وخرج هاربا وانطلق بعض الأولياء في أثره فأدركه من العشي بناحية تاسلت فقبض عليه وجيء به إلى القصر فقتلته العبيد والحاشية وصابر السلطان يوسف منيته إلى آخر النهار ثم قضى رحمه الله يوم الأربعاء سابع ذي القعدة من سنة ست وسبعمائة وقبر هنالك ثم نقل بعد ما سكنت الهيعة إلى مقبرتهم بشالة فدفن بها مع سلفه وأطلال ضريحه لا زالت مائلة إلى الآن .
وبموت السلطان يوسف انقضت مدة الحصار عن آل يغمراسن وقومهم من بني عبد الواد وسائر أهل تلمسان وكانت المدة في ذلك مائة شهر كما قلنا نالهم فيها من الجهد والشدة ما لم ينل أمة من الأمم واضطروا إلى أكل الجيف والقطوط والفيران حتى أنهم أكلوا فيها أشلاء الموتى من الناس وخربوا السقوف للوفود وغلت أسعار الأقوات والحبوب وسائر المرافق بما