@ 84 @ على أخويه حميضة ورميثة بعد مهلك أبيهم أبي نمي صاب مكة فاستبلغ السلطان يوسف من إكرامه والتنويه بقدره وسرحه إلى المغرب ليجول في أقطاره ويطوف على معالم الملك وقصوره وأوعز إلى العمال بالبرور به وإتحافه على ما يناسب قدره ورجع هذا الشريف إلى حضرة السلطان من تلمسان سنة خمس وسبعمائة ثم فصل منها إلى مشرقه وفي شعبان من هذه السنة قدم أبو زيد الغفاري دليل ركب الحاج الثاني ومعه بيعة الشرفاء أهل مكة للسلطان يوسف لما كان صاحب مصر قد آسفهم بالتقبض على إخوانهم وكان ذلك شأنهم متى غاظهم السلطان وأهدوا إلى السلطان يوسف ثوبا من كسوة الكعبة أعجب به فاتخذ منه ثوبا للبوسه في الجمع والأعياد كان يتبطنه بين ثيابه تبركا به .
وأما الملك الناصر صاحب مصر فإنه كافأ السلطان يوسف على هديته بأن جمع من طرف بلاد المشرق ما يستغرب جنسه وشكله من الثياب والحيوانات ونحو ذلك مثل الفيل والزرافة ونحوهما وأوفد به مع عظماء دولته وفصلوا من القاهرة آخر سنة خمس وسبعمائة فوصلوا إلى السلطان يوسف وهو بالمنصورة في جمادى الآخرة سنة ست بعدها واهتز لقدومهم وأركب الناس للقيهم وأكرم وفادتهم وبعثهم إلى المغرب للتطوف به على العادة في مبرة أمثالهم وهلك السلطان يوسف أثناء ذلك وأفضى الأمر إلى حافده أبي ثابت فأحسن منقلبهم ملأ حقائبهم وفصلوا من المغرب إلى بلادهم في ذي الحجة من سنة سبع وسبعمائة ولما انتهوا إلى بلاد بني حسن في ربيع من سنة ثمان بعدها اعترضهم الأعراب بالقفر فانتهبوهم وخلصوا إلى مصر بجريعة الذقن فلم يعاودوا بعدها إلى المغرب سفرا ولا لفتوا إليه وجها وطالما أوفد عليهم ملوك المغرب بعدها من رجال دولتهم من يوبه له ويهادونهم ويكافئون ولا يزيدون في ذلك كله على الخطاب شيئا