@ 69 @ ورجع إلى أخيه كما تقدم ولما ولي السلطان يوسف وقفل من مراكش إلى فاس في هذه المرة بعد أن ترك ابنه أبا عامر عبد الله مع محمد بن عطوا عامل مراكش ثار أبو عامر المذكور بها وخلع طاعة أبيه ودعا إلى نفسه وشايعه ابن عطوا على ذلك واتصل الخبر بالسلطان يوسف وهو بفاس فأسرع السير إلى مراكش وبرز إليه ابنه أبو عامر فاقتتلوا ثم انهزم أبو عامر فعاد إلى مراكش واكتسح بيت المال بها وفر إلى تلمسان ومعه ابن عطوا المذكور فقدماها سنة ثمان وثمانين وستمائة فآواهم عثمان بن يغمراسن ومهد لهم المكان فلبثوا عنده مليا .
ثم عطف السلطان على ابنه الرحم فرضي عنه وأعاده إلى مكانه وطالب عثمان بن يغمراسن أن يسلم إليه ابن عطوا الناجم في النفاق مع ابنه فأبى من إضاعة جواره وإخفار ذمته وأغلظ له الرسول في القول فسطا به عثمان واعتقله فثارت من السلطان يوسف الحفائظ الكامنة وتحركت منه إلاحن القديمة والنزغات المتوارثة فاعتزم على غزو تلمسان ونهض إليها من مراكش في صفر من سنة تسع وثمانين وستمائة بعد أن عقد عليها لابنه الأمير أبي عبد الرحمن يعقوب بن يوسف ثم نهض من فاس إليها آخر ربيع الآخر من سنته في عساكره وجنوده وحشد القبائل وكافة أهل المغرب وسار حتى نازل تلمسان فتحصن منه عثمان وقومه بأسوارها فحاصره السلطان يوسف وضيق عليه ونصب عليه المجانيق وكان حصاره إياها في رمضان من السنة المذكورة ثم سار في نواحيها ينسف الآثار ويخرب القرى ويحطم الزروع ثم نزل بذراع الصابون من ناحيتها ثم انتقل منه إلى تامت وحاصرها أربعين يوما وقطع أشجارها وأباد خضراءها ولما امتنعت عليه أفرج عنها وانكفأ راجعا إلى المغرب وقضى نسك الفطر بعين الصفا من بلاد بني يزناسن ونسك الأضحى وقربانه بتازا وتلبث بها أياما ثم نهض منها إلى الأندلس بقصد الجهاد على ما نذكره