@ 63 @ واشترط عليهم ما تقبلوه من مسالمة المسلمين كافة من قومه وغير قومه والوقوف عند مرضاته في ولاية جيرانه من الملوك أو عدواتهم ورفع الضريبة عن تجار المسلمين بدار الحرب من بلاده وترك التضريب بين ملوك المسلمين والدخول بينهم في فتنة واستدعى السلطان الشيخ أبا محمد عبد الحق الترجمان وبعثه لاشتراط ذلك وإحكام عقده فسار عبد الحق إلى الطاغية سانجة وهو بإشبيلية فعقد معه الصلح واستبلغ وأكد في الوفاء بهذه الشروط ووفدت رسل ابن الأحمر على الطاغية وهو عنده لعقد السلم معه على قومه وبلاده دون أمير المسلمين وأن يكون معه يدا واحدة عليه فأحضرهم الطاغية بمشهد عبد الحق وأسمعهم ما عقد مع أمير المسلمين على قومه وأهل ملته كافة وقال لهم إنما أنتم عبيد آبائي فلستم معي في مقام السلم والحرب وهذا أمير المسلمين على الحقيقة ولست أطيق مقاومته ولا دفاعه عن نفسي فكيف عنكم فانصرفوا ولما رأى عبد الحق ميله إلى رضا السلطان وسوس إليه بالوفادة عليه لتتمكن الألفة وتستحكم العقدة وأراه مغبة ذلك في سل السخيمة وتسكين الحفيظة فمال إلى موافقته وسأله لقي الأمير يوسف ولي عهد السلطان أولا ليطمئن قلبه فوصل إليه ولقيه على فراسخ من شريش وباتا بمعسكر المسلمين هنالك ثم ارتحلا من الغد للقاء السلطان يعقوب وكان قد أمر الناس بالاحتفال للقاء الطاغية وقومه وإظهار شعائر الإسلام وأبهته وأن لا يلبسوا إلا البياض فاحتفلوا وتأهبوا وأظهروا عز الملة وشدة الشوكة ووفور الحامية .
وقدم الطاغية في جماعته سود اللباس خاضعين ذليلين فاجتمعوا بالأمير بحصن الصخرات على مقرب من وادي لك وذلك يوم الأحد العشرين من شعبان سنة أربع وثمانين وستمائة وتقدم الطاغية فلقيه أمير المسلمين بأحسن مبرة وأتم كرامة يلقى بها مثله من عظماء الملل وقدم الطاغية بين يديه هدية من طرف بلاده أتحف بها السلطان وولي عهده كان فيها زوج من الخيول