@ 61 @ كان هنالك عينا على المسلمين وأضرمه نارا وامتلأت أيدي عساكره وقفل إلى معسكر السلطان على شريش ولثلاث عشرة ليلة من ربيع الثاني عقد السلطان لولي العهد الأمير يوسف لمنازلة جزيرة كبتور فصمد إليها وقاتلها واقتحمها عنوة وفي ثاني جمادى الأولى عقد السلطان للحاج أبي الزبير طلحة بن يحيى بن محلى وكان بعد مداخلته أخاه عمر في شأن مالقة سنة خمس وسبعين خرج إلى الحج فقضى فرضه ورجع ومر في طريقه بتونس فاتهمه الدعي ابن أبي عمارة كان بها يومئذ فاعتقله سنة اثنتين وثمانين ثم سرحه ولحق بقومه بالمغرب ثم عبر إلى الأندلس غازيا مع السلطان يعقوب فعقد له في هذا اليوم على مائتين من الفرسان وسرحه إلى إشبيلية ليكون ربيئة للمعسكر وبعث معه لذلك عيونا من اليهود والمعاهدين من النصارى يتعرفون أخبار الطاغية سانجة والسلطان يعقوب رحمه الله أثناء هذا كله يغادي شريش ويراوحها بالقتل والتخريب ونسف الآثار وبث السرايا كل يوم وليلة في بلاد العدو فلا يخلو يوم من تجهيز عسكر أو إغزاء جيش أو عقد راية أو بعث سرية حتى انتسف العمران في جميع بلاد النصرانية وخرب بسائط إشبيلية ولبلة وقرمونة وإستجة وجبال الشرف وجميع بسائط الفرنتيرة .
وأبلى في هذه الغزوات عياد بن أبي عياد العاصمي من شيوخ جشم والخضر الغزي من أمراء الأكراد بلاء عظيما وكان لهم فيها ذكر وصيت وكذلك غزاة سبتة وكذا سائر المجاهدين من عرب جشم وغيرهم مثل مهلهل بن يحيى الخلطي صهر السلطان ويوسف بن قيطون الجابري وغير هؤلاء ممن يطول ذكرهم .
فلما دمرها تدميرا وأوسعها تخريبا ونسفها نسفا واكتسحها غارة ونهبا وهجم فصل الشتاء وانقطعت الميرة عن العسكر اعتزم السلطان على القفول وأفرج عن شريش لآخر جمادى الأولى من السنة المذكورة بعد أن حاصرها نحوا من ثلاثة أشهر وعشرة أيام واتصل به أن العدو أوعز إلى أساطيله