@ 56 @ فقاتلها أياما ثم أفرج عنها وتنقل في جهاتها وبعث سراياه إلى جيان فأفسدوا زروعها ثم ارتحل إلى طليطلة فعاث في جهاتها وخرب عمرانها حتى انتهى إلى حصن مجريط من أقصى الثغر فامتلأت أيدي المسلمين وضاق معسكرهم بالغنائم التي استاقوها فقفل السلطان من أجل ذلك إلى الجزيرة فاحتل بها في شعبان وأقام بها إلى آخر السنة المذكورة وكانت غزوة لم يسمح الدهر بمثلها وفي هذه السنة توفي يغمراسن بن زيان على ما في القرطاس وذكر ابن خلدون أنه لما حضرته الوفاة أوصى ابنه عثمان وقال له يا بني إن بني مرين بعد استفحال ملكهم واستيلائهم على حضرة الخلافة بمراكش لا طاقة لنا بلقائهم فإياك أن تحاربهم فإن مددهم موفور ومددك محصور ولا يغرنك أني كنت أحاربهم ولا أنكص عن لقائهم لأني كنت أخشى معرة الجبن عنهم بعد التمرس بهم والاجتراء عليهم وأنت لا يضرك ذلك لأنك لم تحاربهم ولم تتمرس بهم فعليك بالتحصن ببلدك متى زحفوا إليك وحاول ما استطعت الاستيلاء على ما جاورك من عمالات الموحدين أصحاب تونس يستفحل بها ملكك وتكافئ حشد العدو بحشدك قال فعمل ابنه عثمان على وصيته وأوفد أخاه محمد بن يغمراسن على السلطان يعقوب وهو بالأندلس في جوازه الرابع فعقد معه السلم على ما أحب وانكفأ راجعا إلى أخيه فطابت نفسه وتفرغ لافتتاح البلاد الشرقية $ انعقاد الصلح بين السلطان يعقوب وابن الأحمر والسبب في ذلك $ .
لما اتصلت يد السلطان يعقوب رحمه الله بيد الطاغية وقام معه في ارتجاع ملكه خشي ابن الأحمر عاديته فجنح إلى موالاة ابنه سانجة الخارج عليه ووصل يده بيده وأكد له العقد واضطرمت الأندلس نارا وفتنة بسبب هذا الخلاف ولما قفل السلطان يعقوب من غزوته مع الطاغية وقد ظهر على ابنه أجمع على منازلة مالقة التى استحوذ عليها ابن الأحمر وخدع عنها ابن محلي فنهض السلطان إليها من الجزيرة الخضراء فاتح سنة اثنتين وثمانين وستمائة