@ 57 @ فغلب أولا على الحصون الغربية كلها ثم أسف إلى مالقة فأناخ عليها بعساكره وضاق على ابن الأحمر النطاق ولم تغن عنه موالاة سانجة شيئا وبدا له سوء المغبة في شأن مالقة وندم على تناولها فأعمل نظره في الخلاص من ورطتها ولم ير لها إلا الأمير يوسف ابن السلطان يعقوب فخاطبه بمكانه من المغرب مستصرخا له لرقع هذا الخرق ورتق هذا الفتق وجمع كلمة المسلمين على عدوهم فأجابه واغتنم المثوبة في مسعاه وعبر البحر إلى الأندلس في صفر سنة اثنتين وثمانين المذكورة فوافى أباه بمعسكره على مالقة ورغب منه السلم لابن الأحمر في شأنها والتجافي له عنها فأسعف رغبة ابنه لما يؤمل في ذلك من رضى الله عز وجل في جهاد عدوه وإعلاء كلمته وانعقد السلم وانبسط أمل ابن الأحمر وتجددت عزائم المسلمين للجهاد وقفل السلطان يعقوب الى الجزيرة الخضراء فبث السرايا في دار الحرب فأوغلوا وأثخنوا ثم أستأنف الغزو بنفسه الى طليطلة فخرج من الجزيرة غازيا غرة ربيع الثاني من سنة اثنتين وثمانين المذكورة حتى انتهى إلى قرطبة فأثخن وغنم وخرب العمران وافتتح الحصون ثم ارتحل نحو البرت وترك محلته على بياسة بالمغانم والأثقال وترك معها خمسة آلاف فارس يحمونها من كرة العدو ثم أغذ السير في أرض قفرة ليلتين حتى انتهى إلى البرت من نواحي طليطلة فسرح الخيل في البسائط وجالت في أكنافها ولم تنته إلى طليطلة لتثاقل الناس بكثرة الغنائم وأثخن في القتل وقفل على غير طريقة فأثخن وخرب .
وانتهى إلى أبذة فوقف بساحتها وقاتلها ساعة من نهار فرماه علج من خلف السور بسهم أصاب فرسه فارتحل عنها إلى معسكره ببياسة فأراح بها ثلاثا ينسف آثارها ويقتلع أشجارها وقفل إلى الجزيرة وبين يديه من السبي والغنائم ما يعجز عنه الوصف فدخلها في شهر رجب من السنة المذكورة فقسم الغنائم ونفل من الخمس وولى على الجزيرة حافده عيسى بن عبد الواحد بن يعقوب فهلك شهيدا على شريش بسهم مسموم لشهرين من ولايته .
ثم عبر السلطان إلى المغرب فاتح شعبان ومعه ابنه أبو زيان منديل فأراح