@ 55 @ $ الجواز الثالث للسلطان يعقوب إلى الأندلس مغيثا للطاغية ومغتنما فرصة الجهاد $ .
لما كان السلطان يعقوب رحمه الله بمراكش سنة إحدى وثمانين وستمائة قدم عليه كتاب طاغية الإضبنيول واسمه هراندة مع وفد من بطارقته وزعماء دولته مستصرخا له على ابنه سانجة الخارج عليه في طائفة من النصارى وأنهم غلبوه على أمره زاعمين بأنه شاخ وضعف عن تدبيرهم ولم يقدر على القيام بنصرتهم فاستنصره عليهم ودعاه لحربهم وأمله لاسترجاع ملكه من يدهم فاغتنم السلطان يعقوب هذه الفرصة في الحال وجعل جوابه نفس النهوض والارتحال فسار معهم لم يعرج على شيء حتى أتى قصر المجاز وهو قصر مصمودة فعبر منه واحتل لوقته بالجزيرة الخضراء في ربيع الثاني من سنة إحدى وثمانين المذكورة وأوعز الى الناس بالنفير إلى الجهاد واجتمعت عليه مسالح الثغور بالأندلس وسار حتى نزل صخرة عباد وهناك قدم عليه الطاغية هراندة ذليلا لعزة الإسلام مؤملا صريخ السلطان فأكرم موصله وأكرم وفادته .
وذكر ابن خلدون وابن الخطيب وغيرهما من الأثبات أن هذا الطاغية لما اجتمع بالسلطان يعقوب قبل يده إعظاما لقدره وخضوعا لعزه فدعا السلطان رحمه الله بماء فغسل يده من تلك القبلة بمحضر من كان هناك من جموع المسلمين والفرنج ثم التمس الطاغية من السلطان أن يمده بشيء من المال ليستعين به على حربه ونفقاته فأسلفه السلطان مائة ألف دينار من بيت مال المسلمين رهنة الطاغية فيها تاجه الموروث عن سلفه قال ابن خلدون وبقي هذا التاج بدار بني يعقوب بن عبد الحق فخرا للأعقاب لهذا العهد قلت وما أبعد حال هذا الطاغية المهين من حال عطارد بن حاجب التميمي الذي لم يسلم قوس أبيه على تطاول السنين والقصة مشهورة فانظر ما بين الهمم العربية والعجمية من البون وحال الفريقين في الابتذال والصون .
ثم إن السلطان يعقوب رحمه الله تقدم مع الطاغية ودخل دار الحرب غازيا حتى نازل قرطبة وبها يومئذ سانجة ابن الطاغية الخارج عليه مع طائفته