@ 48 @ الأحمر إليه بعد عرضه على أمير المسلمين والتماس إذنه فيه لما فيه من المصلحة وجنوح أهل الأندلس إليه منذ المدد الطويلة فانعقد السلم في آخر شهر رمضان من السنة المذكورة وقفل السلطان يعقوب من غزاته هذه وجعل طريقه على غرناطة احتفاء بالسلطان وخرج له عن الغنائم كلها فاحتوى عليها ابن الأحمر وساقها إلى غرناطة وقال له السلطان يعقوب يكون حظ بني مرين من هذين الغزاة الأجر والثواب مثل ما فعل يوسف بن تاشفين رحمه الله مع أهل الأندلس يوم الزلاقة .
ولما قفل السلطان يعقوب من هذه الغزوة اعتل الرئيس أبو محمد بن أشقيلولة ثم هلك غرة جمادى من السنة المذكورة فلحق ابنه محمد بالسلطان يعقوب آخر شهر رمضان وهو متلوم بالجزيرة الخضراء منصرفة من الغزو كما ذكرناه فنزل له عن مالقة ودعاه إلى حوزها منه وقال له إن لم تحزها أعطيتها للفرنج ولا يتملكها ابن الأحمر فحازها السلطان يعقوب منه وعقد عليها لابنه أبي زيان منديل بن يعقوب فسار إليها وتملكها وعز ذلك على ابن الأحمر غاية لأنه لما بلغه وفاة أبي محمد بن أشقيلولة سما أمله إليها وأن ابن أخته وهو محمد الوافد على السلطان يعقوب شيعة له لا يبغي به بدلا فأخطأ ظنه وخرج الأمر بخلاف ما كان يرتقب ولما قضى السلطان يعقوب بالجزيرة الخضراء صومه ونسكه خرج إلى مالقة فدخلها سادس شوال من السنة ويرز إليه أهلها في يوم مشهود واحتفلوا له احتفال أيام الزينة سرورا بمقدم السلطان واغتباطا بدخولهم في دعوته وانخراطهم في سلك رعيته وأقام فيهم إلى خاتم سنته ثم عقد عليها لعمر بن يحيى بن محلي من صنائع دولتهم وأنزل معه المسالح وترك عنده زيان بن أبي عياد بن عبد الحق في طائفة لنظره من أبطال بني مرين واستوصاه بمحمد بن اشقيلولة وارتحل إلى الجزيرة الخضراء ثم أجاز منها إلى المغرب فاتح سنة سبع وسبعين وستمائة وقد اهتزت الدنيا لمقدمه وامتلأت القلوب سرورا بما هيأه الله من نصر المسلمين بالأندلس وعلو راية الإسلام على كل راية وعظمت بذلك كله موجدة ابن الأحمر ونشأت الفتنة كما نذكره إن شاء الله