@ 47 @ بالسمع والطاعة فدعا لهم وفرق فيهم الأموال والخلع وخاطب ابن الأحمر يستنفره للجهاد معه وقال إن خروجك معي إلى قرطبة يكون لك مهابة في قلوب الفرنج ما عشت سوى ما تستوجبه من الله تعالى من الثواب في ذلك .
ونهض السلطان إلى قرطبة فاتح جمادى الأولى من سنة ست وسبعين المذكورة فوافاه ابن الأحمر بناحية شدونه فأكرم موصله وشكر خفوفه إلى الجهاد وبداره إليه ونازلوا حصن بني بشير فدخلوه عنوة وقتلت المقاتلة وسبيت النساء ونفلت الأموال وهدم الحصن حتى لم يبق له أثر ثم بث السلطان رحمه الله السرايا والغارات في البسائط فاكتسحها وامتلأت الأيدي وأثرى العسكر وفاض عليهم من الغنم والبقر والمعز والخيل والبغال والحمير والقمح والشعير والزيت والعسل ما لا يوصف ثم ساروا يتقترون المنازل والعمران في طريقهم حتى احتلوا بساحة قرطبة فنازلوها وخفقت ألوية السلطان في نواحيها وزعقت طبوله في فضائها وتقدم في أبطاله وحماته حتى وقف على بابها ثم داربأسوارها ينظر كيف الحيلة في قتالها ووقف ابن الاحمر بعساكر الأندلس أمام محلة المسلمين يحرسونها خوفا من كرة العدو وخنس الفرنج وراء الأسوار وانبثت بعوث المسلمين وسراياهم في نواحي قرطبة وقراها فنسفوا آثارها وخربوا عمرانها وترددوا على جهاتها ودخلوا حصن الزهراء بالسيف وأقام السلطان على قرطبة ثلاثا ثم ارتحل عنها إلى حصن بركونة فدخله عنوة ثم أرجونة كذلك ثم قدم بعثا إلى مدينة جيان فقاسمها حظها من الخسف والدمار وخام الطاغية عن اللقاء وأيقن بخراب عمرانه وإتلاف بلاده فجنح إلى السلم وخطبه من السلطان يعقوب ورغب فيه إليه وبعث الأقسة والرهبان للوساطة في ذلك فرفعهم السلطان يعقوب إلى ابن الأحمر وجعل الأمر في ذلك إليه تكرمة لمشهده ووفاء بحقه وقال لوفد الفرنج إنما أنا ضيف والضيف لا يصالح على رب المنزل فساروا إلى ابن الأحمر وقالوا له إن السلطان يعقوب قد رد الأمر إليك ونحن قد جئناك لنعقد معك صلحا مؤبدا لا يعقبه غدر ولا حرب وأقسموا له بصلبانهم إن لم يرضه الفنش ليخلعنه لأنه لم ينصر الصليب ولا حمى الحوزة فأجابهم ابن