@ 44 @ رمضان سنة أربع وسبعين وستمائة وفي ثاني يوم من شوال من هذه السنة ثارت العامة باليهود بفاس بسبب حدث أحدثوه فقتلوا منهم أربعة عشر يهوديا ولولا أن السلطان ركب بنفسه ورد العامة عنهم لكانت إياها $ بناء المدينة البيضاء المسماة اليوم بفاس الجديد $ .
لما فتح جبل تينملل ومحيت منه بقية آل عبد المؤمن وتمهد ملك المغرب للسلطان يعقوب واستفحل أمره وكثرت غاشيته رأى أن يختط بلدا ينسب إليه ويتميز بسكناه وينزل فيه بحاشيته وأوليائه الحاملين لسرير ملكه فأمر ببناء المدينة البيضاء ملاصقة لمدينة فاس على ضفة واديها المخترق لها من جهة أعلاه وشرع في تأسيسها ثالث شوال من سنة أربع وسبعين وستمائة وركب السلطان بنفسه فوقف عليها حتى خطت مساحتها وأسست جدرانها وجمع الأيدي عليها وحشر الصناع والعملة لبنائها وأحضر لها أهل النجامة والمعدلين لحركات الكواكب فاختاروا لها من الطوالع ما يرضون أثره ويحمدون سيره وأسست فيه وكان في أولائك االمعدلين إمامان شهيران أبو الحسن بن القطان وأبو عبد الله بن الحباك المقدمان في الصناعة فكمل تشييد هذه المدينة على ما رسم رحمه الله وكما رضي ونزلها بحاشيته وذويه سنة أربع وسبعين المذكورة واختط الناس بها الدور والمنازل وأجريت فيها المياه إلى القصور وكانت من أعظم آثار هذه الدولة وأبقاها على الأيام .
قال ابن أبي زرع ومن سعادة طالعها أنه لا يموت فيها خليفة ولم يخرج منها لواء قط إلا كان منصورا ولا جيش إلا كان ظافرا .
ثم أمر رحمه الله ببناء قصبة مكناسة فشرع في بنائها وبناء جامعها في السنة المذكورة ثم استوزر صنيعته أبا سالم فتح الله السدراتي وأجرى له رزق الوزارة على عادتهم .
ثم كافأ يغمراسن بن زيان على هديته التي كان بعث بها إليه قبل إجازته