@ 45 @ إلى الأندلس فبعث إليه فسطاطا رائقا كان صنع له بمراكش وثلاثين من البغال الفارهة ذكرانا وإناثا وغير ذلك مما يباهي به ملوك المغرب .
وفي سنة خمس وسبعين وستمائة أهدى إليه الأمير محمد بن عبد القوي التوجيني صاحب جبل وانشريس أربعة من الجياد انتقاها من خيل المغرب كافة ورأى أنها على قلة عددها أحفل هدية وفي نفسه أثناء هذا كله من أمر الجهاد شغل شاغل يتخطى إليه سائر أعماله حسبما نذكره إن شاء الله $ الجواز الثاني للسلطان يعقوب إلى الأندلس برسم الجهاد $ .
لما قفل السلطان يعقوب من غزوته الأولى واستنزل الخوارج وثقف الثغور وهادى الملوك واختط المدينة البيضاء لنزوله كما ذكرنا خرج فاتح سنة خمس وسبعين وستمائة إلى جهة مراكش لسد ثغورها وتثقيف أطرافها وتوغل في أرض السوس وبعث وزيره فتح الله السدراتي في العساكر فجاس خلالها ثم انكفأ راجعا وهناك خاطب السلطان يعقوب رحمه الله قبائل المغرب كافة بالنفير إلى الجهاد فتثاقلوا عليه فلم يزل يحرضهم وهم يسوفون إلى أن دخلت سنة ست وسبعين بعدها ولما رأى تثاقل الناس عليه نهض إلى رباط الفتح وتلوم به أياما في انتظار الغزاة فأبطؤوا عليه فخف في خاصته وتقدم في حاشيته حتى انتهى إلى قصر المجاز وقد تلاحق به الناس من كل جهة لما رأوا من عزمه وتصميمه فأجاز بهم البحر واحتل بطريف آخر محرم من السنة المذكورة ثم ارتحل إلى الجزيرة الخضراء ثم إلى رندة فوافاه بها الرئيسان أبو محمد عبد الله بن أبي الحسن علي بن أشقيلولة صاحب مالقة وأخوه أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الحسن برسم الجهاد معه .
ثم ارتحل السلطان من رندة فاتح ربيع الأول من السنة المذكورة حتى انتهى إلى إشبيلية فعرس عليها يوم المولد النبوي وكان بها يومئذ ملك الجلالقة أن أذفونش فلم يجد بدا من الخروج إليه بعد أن خام عن اللقاء أولا فبرز في جموعه وصفها على ضفة الوادي الكبير من ناحية السلطان وأظهر من أبهة الحرب ما قدر عليه فكانت جيوشه كلها في الدروع السوابغ والبيض اللوامع