@ 42 @ كثرة حتى لقد زعموا أنه قد بيعت الشاة الواحدة بدرهم وكذلك السلاح .
وأقام السلطان يعقوب بالجزيرة أياما ثم نهض في جمادى الأولى من السنة المذكورة غازيا إشبيليه فجاس خلالها وتقرى نواحيها وأقطارها وأثخن بالقتل والنهب في جهاتها وعاث في عمرانها وأوغل في مسيره حتى وقف على بابها وزعقت طبوله في جوها وخفقت ألويته على جنباتها ولجأت الفرنج إلى الأسوار واعتمدوا على الحصار ولم يخرج إليه منهم أحد ثم ارتحل إلى شريش فأذاقها من وبال العيث والاكتساح مثل ذلك أو أكثر ورجع إلى الجزيرة لشهرين من غزاته فبيعت الفرنجية من سبيه بها بمثقال ونصف لكثرة السبي حينئذ .
ودخل فصل الشتاء فنظر السلطان يعقوب في اختطاط مدينة بفرضة المجاز من العدوة لنزول عسكره منتبذا عن الرعية لما يلحقهم من ضرر العسكر وجفائهم وتخير لها مكانا ملاصقا للجزيرة فأوعز ببناء المدينة المشهورة بالبنية ثم أجاز البحر إلى المغرب في رجب من سنته أعني سنة أربع وسبعين وستمائة فكان مغيبه وراء البحر ستة أشهر واحتل بقصر مصمودة وأمر ببناء السور على باديس مرفأ السفن ومحل العبور من بلاد غمارة ثم رحل إلى فاس فدخلها في النصف من شعبان من السنة المذكورة $ فتح جبل تينملل ونبش قبور بني عبد المؤمن على يد الملياني عفا الله عنه .
قد تقدم لنا أن جبل تينملل كان حصنا للموحدين وملجأ لهم إذا نابهم مكروه وكان مسجده مزارا عظيما لهم لأنه مدفن إمامهم وملحد خلفائهم فكانوا يعكفون عليه ويلتمسون بركة زيارته ويقدمون ذلك بين يدي غزواتهم