@ 41 @ الزحف ورتب المصاف وجرد السيف وذكر اسم الله وراجعت زناتة بصائرها وعزائمها وتحركت هممها وأبلت في طاعة ربها والذب عن دينها وجاءت بما يعرف من بأسها وبلائها في مقاماتها ومواقفها فلم يكن إلا كلا ولا حتى هبت ريح النصر وظهر أمر الله وانكشفت جموع النصرانية وقتل الزعيم نونه وكان هذا اللعين زعيم النصرانية بالأندلس قد قدمه الفنش على جيوشه واستعمله على حروبه وفوض له في جميع أموره وكان النصارى قد سعدوا بطائرة وتيمنوا بنقيبته لأنه لم تهزم له قط راية وكان وبالا على بلاد الإسلام كثير الغارات عليها حتى جمع الله بينه وبين السلطان يعقوب فأراحه من تعب الحرب وكد الغارات وألحقه بأمه الهاوية ومنح المسلمين رقاب الفرنج واستحر فيهم القتل حتى بلغت قتلاهم عدد الألوف وجمعوا من رؤوسهم مآذن أذنوا عليها لصلاتي الظهر والعصر واستشهد من المسلمين ما يناهز الثلاثين أكرمهم الله تعالى بالشهادة وآثرهم بما عنده ونصر الله حزبه وأعز أوليائه وأظهر دينه وبدا للعدو ما لم يكن يحتسبه بمحاماة هذه العصابة عن الملة وقيامها بنصر الكلمة وبعث السلطان يعقوب رحمه الله برأس الزعيم نونه إلى ابن الأحمر فيقال إنه بعثه سرا إلى قومه بعد أن طيبه وأكرمه ولاية أخلصها لهم ومداراة وانحرافا عن السلطان يعقوب ظهرت شواهد ذلك عليه بعد حين .
واعلم أن هذا الزعيم يسميه كثير من المؤرخين دون نونه ولفظه دون معناها في لسانهم السيد أو العظيم أو ما أشبه ذلك فلذا أسقطناها .
وقفل السلطان يعقوب من غزاته هذه إلى الجزيرة الخضراء منتصف ربيع من السنة المذكورة فقسم في المجاهدين الغنائم وما نفلوه من أموال عدوهم وسباياهم وأسراهم وكراعهم بعد الاستئثار بالخمس لبيت المال على موجب الكتاب والسنة ليصرفه في مصارفه ويقال كان مبلغ الغنائم في هذه الغزاة مائة ألف من البقر وأربعة وعشرين ألفا من السبي ومن الأسارى سبعة آلاف وثمانمائة وثلاثون ومن الكراع أربعة عشر ألفا وستمائة وأما الغنم فاتسعت عن الحصر