@ 35 @ ضاحيتها وعاثوا في نواحيها وضيقوا على أهل طنجة حتى شارطهم ابن الأميرعلى خراج معلوم على أن يكفوا الأذية ويحموا الحوزة ويصلحوا السابلة فاتصلت يده بيدهم وترددوا إلى البلد لاقتضاء حاجاتهم ثم مكروا وأضمروا الغدر فدخلوا في بعض الأيام متأبطين السلاح وفتكوا بابن الأمير غيلة فثارت بهم عامة أهل طنجة واستلحموهم لحينهم في مصرع واحد سنة خمس وستين وستمائة واجتمعوا على ولده فبايعوه وبقيت في ملكته خمسة أشهر ثم استولى عليها أبو القاسم العزفي فنهض إليها بعساكره من الرجل برا وبحرا وملكها وفر ابن الأمير فلحق بتونس ونزل على المستنصر الحفصي واستقرت طنجة في إيالة العزفي فضبطها وقام بأمرها وولي عليها من قبله وأشرك الملأ من أشرافها في الشورى .
ولما استولى السلطان يعقوب على حضرة مراكش ومحا دولة آل عبد المؤمن منها وفرغ من أمر عدوه يغمراسن هم بتلك الناحية وأحب أن يضيفها إلى ما بيده ليصفوا له أمر المغرب الأقصى كله فنهض إلى طنجة ونازلها مفتتح اثنتين وسبعين وستمائة لأنها كانت في البسيط دون سبتة فكان أمرها أسهل فحاصرها نحو ثلاثة أشهر فامتنعت عليه ويئس منها وعزم على الإفراج عنها فبينما هو يقاتل في عشي اليوم الذي عزم على النهوض في غده إذا بجماعة من رماتها قاموا على برج ورفعوا لواء أبيض ونادوا بشعار بني مرين وذلك لخلاف وقع بينهم داخل البلد فتسارع الجند إليهم فملكوهم البرج فتسوروا إليه الحيطان وقاتلوا عليه سائر ليلتهم إلى الصباح ثم تكاثرت جيوش بني مرين واقتحموا البلد عنوة ونادى منادي السلطان يعقوب بالأمان فلم يهلك من أهلها إلا نفر يسير ممن رفع يده للقتال وشهر السلاح ساعة الدخول وكان ذلك في ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وستمائة ولما فرغ السلطان يعقوب من طنجة بعث ولده الأمير يوسف إلى سبتة فحاصر بها العزفي أياما ثم لاذ بالطاعة على أن يبقى ممتنعا بحصنه ويؤدي للسلطان خراجا معلوما كل سنة فقبل السلطان منه ذلك وأفرجت عنه عساكره وعاد إلى فاس والله غالب على أمره