@ 32 @ وارتحل يريد تلمسان .
ولما انتهى إلى أنكاد قدمت عليه رسل ابن الأحمر ووفد أهل الأندلس يستصرخونه على العدو ويسألونه الإعانة والنصر ويخبرونه بأنه قد كلب عليهم وشره لالتهام بلادهم فتحركت همته رحمه الله للجهاد ونصر المسلمين وإغاثة المستضعفين منهم ونظر في صرف الشواغل عن ذلك وجنح للسلم مع يغمراسن وعزم عليها واستشار الملأ من أشياخ العرب وبني مرين في ذلك فصوبوا رأيه لما كانوا عليه أيضا من إيثار الجهاد ومحبته فبعث السلطان يعقوب جماعة من أشياخ القبائل إلى يغمراسن يدعونه إلى الصلح واجتماع الكلمة وقال لهم في جملة قوله إن الصلح خير كله فإن جنح يغمراسن إليه وأناب فذاك وإلا فأسرعوا إلي بالخبر فسار الأشياخ إلى يغمراسن فوافوه بظاهر تلمسان وقد أخذ أهبته واستعد للقاء وحشد قبائل زناتة المجاورين له في تلك البلاد من بني عبد الواد وبني راشد وأحلافهم ومغراوة من عرب بني زغبة فبلغوه الرسالة وعرضوا عليه مقالة السلطان يعقوب فأبى واستكبر وصم عن سماع قولهم وموعظتهم وقال أبعد مقتل ولدي أصالحه والله لا كان ذلك أبدا حتى أثأر به وأذيق أهل المغرب النكال من أجله فرجعت الرسل إلى السلطان يعقوب بالخبر وتزاحف الفريقان فكان اللقاء على وادي ايسلي من بسيط وجدة وعبأ السلطان يعقوب كتائبه ورتب مصافه وجعل ابنه عبد الواحد في الميمنة وابنه يوسف في الميسرة ووقف هو في القلب ودارت بينهم رحى الحرب وركدت مليا وهلك في الحومة أبو عنان فارس بن يغمراسن بن زيان في جماعة من بني عبد الواد وهلك عامة عسكر الفرنج الذين كانوا معهم لثباتهم بثبات يغمراسن فطحنتهم رحى الحرب وتقبض على قائدهم برنيس وانهزم الباقون ونجا يغمراسن في فله حاميا لهم ومدافعا عنهم من خلفهم ومر في هزيمته بفساطيطه فأضرمها نارا تفاديا من حصرة استيلاء العدو عليها وانتهبت بنو مرين باقي معسكره واستبيحت حرمه وارتحل السلطان يعقوب من الغد في أثره حتى إذا انتهى إلى وجدة وقف عليها فأمر بهدمها فتسارعت أيدي الجند إليها وجعلوا عاليها