@ 11 @ .
وبقي بنو عبد المؤمن من أثناء ذلك في مرض من الأيام وتثاقل عن الحماية ثم أومضت دولتهم إيماضة الخمود وذلك أنه لما هلك الرشيد بن المأمون سنة أربعين وستمائة وولي أخوه علي وتلقب بالسعيد وبايعه أهل المغرب انصرفت عزائمه إلى غزو بني مرين وقطع أطماعهم عما سمت إليه من تملك المواطن فجهز عساكر الموحدين لقتالهم ومعهم قبائل العرب والمصامدة وجموع الفرنج فنهضوا سنة اثنتين وأربعين وستمائة في جيش كثيف يناهز عشرين ألفا فسمع الأمير أبو معروف بإقبالهم فاستعد لقتالهم وزحف إليهم فكان اللقاء بموضع يعرف بصخرة أبي بياش من أحواز فاس فدارت بينهم حرب شديدة وصبر الفريقان ولما كان عشي النهار قتل الأمير أبو معرف بن عبد الحق في الجولة بيد زعيم من زعماء الفرنج تحاملا فعثر فرس أبي معرف به وأمكنت العلج فيه الفرصة فاغتنمها وطعنه فمات فانهزمت بنو مرين وتبعهم الموحدون فاتخذوا الليل جملا وأسروا طول ليلتهم بحللهم وعيالاتهم وأموالهم فأصبحوا بجبال غياثة من نواحي تازا فاعتصموا بها أياما ثم خرجوا إلى بلاد الصحراء وولوا عليهم أبا بكر بن عبد الحق على ما نذكره وكانت هذه الوقعة وهلاك الأمير أبي معرف عشية يوم الخميس تاسع جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وستمائة $ الخبر عن دولة الأمير أبي بكر بن عبد الحق رحمه الله $ .
هذا الأمير هو الذي رفع من راية بني مرين وسما بها إلى مرتبة الملك وكنيته أبو يحيى وهو أول من جند الجنود منهم وضرب الطبول ونشر البنود وملك الحصون والبلاد واكتسب الطارف والتلاد بايعه بنو مرين بعد مهلك أخيه أبي معرف في التاريخ المتقدم فكان أول ما ذهب إليه ورآه من النظر لقومه أن قسم بلاد المغرب وقبائل جبايته بين بني مرين وأنزل كلا منهم يناحية منه سوغهم إياها سائر الأيام طعمة لهم وأمر كل واحد من أشياخ بني مرين أن يستركب الرجل ويستلحق الأتباع فحسنت حالهم وكثرت غاشيتهم وتوفرت جموعهم