@ 201 @ وحكى ابن الخطيب في رقم الحلل أن المنصور طلب يوما من قاضيه أن يختار له رجلين لغرضين من تعليم ولد وضبط أمر فعرفه برجلين قال في أحدهما وهو بحر في علمه وقال في الآخر وهو بر في دينه ولما خرج المنصور أحضرهما واختبرهما فقصرا بين يديه وأكذبا الدعوى فوقع المنصور على رقعة القاضي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ظهر الفساد في البر والبحر قال ابن الخطيب وهذا من التوقيع العريق في الإجادة والصنعة .
وكان مجلس المنصور رحمه الله مجلس الفضلاء والأدباء وأرباب المعارف والفنون حكى أبو الفضل التيفاشي قال جرت مناظرة بين يدي ملك المغرب يعقوب المنصور وكانت بين الفقيه أبي الوليد بن رشد المعروف بالحفيد والرئيس الوزير أبي بكر بن زهر بضم الزاي وكان الأول قرطبيا والثاني إشبيليا فقال ابن رشد لابن زهر في تفضيل قرطبة ما أدري ما تقول غير أنه إذا مات عالم بإشبيلية فأريد بيع كتبه حملت إلى قرطبة حتى تباع فيها وإن مات مطرب بقرطبة فأريد بيع آلاته حملت إلى إشبيلية .
وهذا الوزير ابن زهر هو أحد أعيان وزراء الدولة الموحدية وزير للمنصور ولأبيه من قبله .
قال ابن خلكان كان ابن زهر من أهل بيت كلهم علماء رؤساء حكماء وزراء نالوا المراتب وتقدموا عند الملوك ونفذت أوامرهم وكان يتكرر وروده على الحضرة بمراكش فيقيم بها ويرجع إلى الأندلس ومما قاله بمراكش يتشوق إلى ولد له صغير تركه بإشبيلية .
( ولى واحد مثل فرخ القطا % صغير تخلف قلبي لديه ) .
( نأت عنه داري فيا وحشتي % لذاك الشخيص وذاك الوجيه ) .
( تشوقني وتشوقته % فيبكي علي وأبكي عليه )