@ 200 @ المنصور وقيل أنه قال له يا عبد الله ما هذا إلا جد كبير ثم استدعى خادما وأمره سرا بأن تحمل أهل الشيخ عبد الواحد إليه فحملت إليه في ذلك اليوم ولم يتغير على القاضي ولا قال له شيئا يكرهه وتبع في ذلك حكم الشرع المطهر وانقاد لأمره وهذه حسنة تعد له وللقاضي أيضا فإنه بالغ في إقامة منار الشرع والعدل .
وكان المنصور يشدد في إلزام الرعية بإقامة الصلوات الخمس وقتل في بعض الأحيان على شرب الخمر وقتل العمال الذين تشكوهم الرعايا أمر برفض فروع الفقه وإحراق كتب المذاهب وأن الفقهاء لا يفتون إلا من الكتاب والسنة النبوية ولا يقلدون أحدا من الأئمة المجتهدين بل تكون أحكامهم بما يؤدي إليه اجتهادهم من استنباطهم القضايا من الكتاب والحديث والإجماع والقياس .
قال ابن خلكان ولقد أدركنا جماعة من مشايخ المغرب وصلوا إلينا وهم على ذلك الطريق مثل أبي الخطاب بن دحية وأخيه أبي عمرو ومحيي الدين بن عربي نزيل دمشق وغيرهم وكان يعاقب على ترك الصلوات ويأمر بالنداء في الأسواق بالمبادرة إليها فمن غفل عنها أو اشتغل بمعيشته عزره تعزيرا بليغا .
وكان قد عظم ملكه واتسعت دائرة سلطنته حتى أنه لم يبق بجميع أقطار بلاد المغرب من البحر المحيط إلى برقة إلا من هو في طاعته وداخل في ولايته إلى غير ذلك من جزيرة الأندلس وكان محسنا محبا للعلماء مقربا للأدباء مصغيا إلى المدح مثيبا عليه وله ألف أبو العباس أحمد بن عبد السلام الجراوي كتابه الذي سماه صفوة الأدب وديوان العرب في مختار الشعر وهو مجموع مليح أحسن في اختياره كل الإحسان .
وكان المنصور يضرب به المثل في حسن التوقيع وإجادته وقد تقدم لنا ما وقع به على كتاب الفنش