@ 84 @ قلته ولي من ورائه أقوال وأما قولك إنه يؤثر طاعة الله على هواه وينقاد إلى الحق فقد حضر اعتبار صحة هذا القول عنه ليعلم بتعرية عن هذه الصفة إنه مغرور بما تقولون له وتضرونه به مع علمكم أن الحجة متوجهة عليه فهل بلغك يا قاضي أن الخمر تباع جهارا وتمشي الخنازير بين المسلمين وتؤخذ أموال اليتامى وعدد من ذلك شيئا كثيرا فلما سمع الملك كلامه ذرفت عيناه وأطرق حياء ففهم الحاضرون من فحوى كلامه أنه طامع في المملكة لنفسه .
ولما رأوا سكوت الملك وانخداعه لقوله لم يتكلم أحد منهم فقال مالك بن وهيب وكان كثير الإجتراء على الملك أيها الملك عندي لنصيحة إن قبلتها حمدت عاقبتها وإن تركتها لم تأمن غائلتها فقال الملك ما هي فقال إني أخاف عليك من هذا الرجل وأرى أن تعتقله وأصحابه وتنفق عليهم كل يوم دينارا لتكفي شره وإن لم تفعل فلتنفقن عليه خزائنك كلها ثم لا ينفعك ذلك فوافقه الملك على رأيه فقال له وزيره يقبح بك أن تبكي من موعظة رجل ثم تسيء إليه في مجلس واحد وإن يظهر منك الخوف منه على عظم ملكك وهو رجل فقير لا يملك سد جوعه فلما سمع الملك كلامه أخذته عزة النفس واستهون أمره فصرفه وسأله الدعاء .
وقال ابن خلدون كان مالك بن وهيب حزاء ينظر في النجوم وكان الكهان يتحدثون بأن ملكا كائنا بالمغرب في أمة من البربر ويتغير فيه شكل السمكة لقران بين الكوكبين العلويين من السيارة يقتضي ذلك فقال مالك بن وهيب احتفظوا بالدولة من الرجل فإنه صاحب القران والدرهم المربع فطلبه علي بن يوسف ففقده وسرح الخيالة في طلبه ففاتهم .
وحكى صاحب المعرب إن المهدي لما خرج من عند أمير المسلمين لم يزل وجهه تلقاء وجهه إلى أن فارقه فقيل له نراك قد تأدبت مع الملك إذ لم توله ظهرك فقال أردت أن لا يفارق وجهي الباطل حتى أغيره ما استطعت اه كلامه