@ 85 @ .
فلما خرج المهدي وأصحابه من عند الملك قال لهم لا مقام لكم هنا بمراكش مع وجود مالك بن وهيب فما نأمن أن يعاود الملك في أمرنا فينالنا منه مكروه وإن لنا بمدينة أغمات أخا في الله فنقصد المرور به فلن نعدم منه رأيا ودعاء صالحا واسم هذا الشخص عبد الحق بن إبراهيم وهو من فقهاء المصامدة فخرجوا إليه ونزلوا عليه وأخبره محمد بن تومرت خبرهم وأطلعه على مقصدهم وما جرى له مع الملك فقال عبد الحق هذا الموضع لا يحميكم وإن أحصن المواضع المجاورة لهذا البلد تينملل وبيننا وبينها مسافة يوم في هذا الجبل فانقطعوا فيه برهة ريثما يتناسى ذكركم فلما سمع المهدي بهذا الإسم تجدد له ذكر اسم الموضع الذي رآه في كتاب الجفر فقصده مع أصحابه .
وقال ابن خلدون لما لحق المهدي بأغمات غير المنكرات على عادته فأغرى به أهل أغمات علي بن يوسف وطيروا إليه بخبره فخرج منها هو وتلامذته الذين كانوا معه في صحبته فلحق أولا بمسفيوة ثم بهنتاتة ولقيه بها الشيخ أبو حفص عمر بن يحيى الهنتاتي جد الملوك الحفصيين أصحاب تونس وإفريقية ثم ارتحل المهدي عنهم إلى هرغة فنزل على قومه وذلك سنة خمس عشر وخمسمائة وبنى رابطة للعباد فاجتمع عليه الطلبة من القبائل وأخذ يعلمهم المرشدة له في التوحيد باللسان البربري وشاع أمره .
ثم داخل عامل لمتونة على السوس أناسا من هرغة في قتله ونذر بهم إخوانهم فنقلوا المهدي إلى معقل من أشياعهم وقتلوا من داخل في أمره ودعوا المصامدة إلى مبايعته على التوحيد وقتال المجسمة دونه سنة خمس عشرة وخمسمائة فتقدم إليها رجالاتهم من العشرة وغيرهم وكان فيهم من هنتاتة أبو حفص عمر بن يحيى وأبو يحيى بن يكيت ويوسف بن وانودين وابن يغمور ومن تينملل أبو حفص عمر بن علي الصناكي