@ 80 @ وقرؤوا عليه كتبا من أصول الدين فبلغ خبره الأمير يحيى فاستدعاه جماعة من الفقهاء فلما رأى سمته وسمع كلامه أكرمه وأجله وسأله الدعاء فقال له أصلحك الله لرعيتك ولم يقم بعد ذلك بالمهدية إلا أياما يسيرة ثم انتقل إلى بجاية فأقام بها مدة وهو على حاله في الإنكار فأخرج منها إلى بعض قراها واسمها ملالة فوجد بها عبد المؤمن بن علي القيسي الكومي .
وقال ابن خلدون انطوى المهدي راجعا إلى المغرب بحرا متفجرا من العلم وشهابا واريا من الدين وكان قد لقي بالمشرق أئمة الأشعرية من أهل السنة وأخذ عنهم واستحسن طريقهم في الإنتصار للعقائد السلفية والذب عنها بالحجج العقلية الدافعة في صدر أهل البدعة وذهب في رأيهم إلى تأويل المتشابه من الآي والأحاديث بعد أن كان أهل المغرب بعزل عن اتباعهم في التأويل والأخذ برأيهم فيه اقتداء بالسلف في ترك التأويل وإقرار المتشابهات كما جاءت فبصر المهدي أهل المغرب في ذلك وحملهم على القول بالتأويل والأخذ بمذاهب الأشعرية في كافة العقائد وأعلن بإمامتهم ووجوب تقليدهم وألف العقائد على رأيهم مثل المرشدة في التوحيد .
وكان من رأيه القول بعصمة الإمام علي على رأي الإمامية من الشيعة ولم تحفظ عنه فلتة في البدعة سواها واحتل بطرابلس الغرب معنيا بمذهبه ذلك مظهرا للنكير على علماء المغرب في عدولهم عنه آخذا نفسه بتدريس العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما استطاع حتى لقي بسبب ذلك إذايات في نفسه احتسبها من صالح عمله .
ولما دخل بجاية وبها يومئذ العزيز بن المنصور بن الناصر بن علناس بن حماد من أمراء صنهاجة وكان من المقترفين فأغلظ له ولأتباعه بالنكير وتعرض يوما لتغيير بعض المنكرات في الطرق فوقعت بسببها هيعة نكرها السلطان والخاصة وائتمروا به فخرج منها خائفا يترقب ولحق بملالة على فرسخ منها وبها يومئذ بنو ورياكل من قبائل صنهاجة وكان لهم اعتزاز