@ 73 @ وجماعة من مشايخ دولتهم فقدموه بعد موت أبيه علي بن يوسف نائبا عن أخيه تاشفين فاستولى عليها وقد بلغ القحط من أهلها كل مبلغ وأخرج إليه إسحاق بن علي ومعه سير بن الحاج وكان من الشجعان ومن خواص دولتهم وكانا مكتوفين وإسحاق دون بلوغ فعزم عبد المؤمن أن يعفو عن إسحاق لصغر سنه فلم يوافقه خواصه وكان لا يخالفهم فخلى بينهم وبينهما فقتلوهما ثم نزل عبد المؤمن القصر وذلك سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة .
وقال ابن خلدون أقام الموحدون على مراكش تسعة اشهر وأمير الملثمين يومئذ إسحاق بن علي بن يوسف بايعوه صبيا صغيرا عند بلوغ خبر أخيه ولما طال عليهم الحصار وجهدهم الجوع برزوا إلى مدافعة الموحدين فانهزموا وتتبعهم الموحدون بالقتل واقتحموا عليهم المدينة في أخريات شوال سنة إحدى وأربعين وخمسمائة وقتل عامة الملثمين ونجا إسحاق في جملته وأعيان قومه إلى القصبة حتى نزلو ا على حكم الموحدين وأحضر إسحاق بين يدي عبد المؤمن فقتله الموحدون بأيديهم وتولى كبر ذلك أبو حفص عمر بن واكاك منهم وانمحى أثر الملثمين واستولى الموحدون على البلاد والله غالب على أمره .
قال ابن جنون كانت لمتونة أهل ديانة وصدق ونية خالصة وصحة مذهب ملكوا بالأندلس من بلاد الإفرنج إلى البحر الغربي المحيط ومن بلاد العدوة من مدينة بجاية إلى جبل الذهب من بلاد السودان وخطب لهم على أزيد من ألفي منبر بالتثنية وكانت أيامهم أيام دعة ورفاهية ورخاء متصل وعافية وأمن تناهى القمح في أيامهم إلى أن بيع أربعة أوسق بنصف مثقال وبيعت الثمار ثمانية أوسق بنصف مثقال والقطاني لا تباع ولا تشترى وكان ذلك مصحوبا بطول أيامهم ولم يكن في عمل من أعمالهم خراج ولا معونة ولا تسقيط ولا وظيف من الوظائف المخزونية حاشا الزكاة والعشر وكثرت