@ 67 @ إليها وزحف الفنش أيضا في أمم من النصرانية إلى لاردة من بلاد الجوف فنازلها واتصل الخبر بأمير المسلمين فكتب إلى أمراء غرب الأندلس يأمرهم بالمسير إلى أخيه تميم بن يوسف وكان يومئذ واليا على شرق الأندلس فيسيرون معه لاستنقاذ سرقسطة ولاردة فقدم على تميم عبد الله بن مزدلي وأبو يحيى بن تاشفين صاحب قرطبة بعساكرهما فخرج تميم بن يوسف من بلنسية مع أمراء الأندلس فصمد نحو لاردة وكان بينه وبين الفنش قتال عظيم أزعجه عن لاردة خاسئا صاغرا بعد أن بذل جهده في حصارها وأفقد من جيوشه عليها ما يزيد على العشرة آلاف فارس ورجع تميم إلى بلنسية .
ولما رأى ابن رذمير ذلك بعث إلى طوائف الإفرنج يستصرخهم على سرقسطة فأتوا في أمم كالنمل حتى نازلها معه وشرعوا في القتال وصنعوا أبراجا من خشب تجري على بركات وقربوها منها ونصبوا فيها الرعادات ونصبوا عليها عشرين منجنيقا وقوي طمعهم فيها فاشتد الحصار واستمر حتى فنيت الأقوات وهلك أكثر الناس جوعا فراسل المسلمون الذين بها ابن رذمير على أن يرفع عنهم القتال إلى أجل فإن لم يأتيهم من ينصرهم أخلوا له البلد وأسلموه إليه فعاهدهم على ذلك فتم الأجل ولم يأتهم أحد فدفعوا إليه المدينة وخرجوا إلى مرسية وبلنسية وذلك سنة اثنتي عشرة وخمسمائة وبعد استيلاء النصارى عليها وصل من بر العدوة جيش فيه عشرة آلاف فارس بعثه أمير المسلمين لاستنقاذها فوجدوها قد فرغ منه ونفذ حكم الله فيها .
وفي سنة ثلاث عشرة وخمسمائة تغلب ابن رذمير على بلاد شرق الأندلس وملك قلعة أيوب التي ليس في بلاد شرق الأندلس أمنع منها وألح بالغارات على بلاد الجوف فاتصلت هذه الأخبار بأمير المسلمين وهو بمراكش فجاز إلى الأندلس برسم الجهاد وضبط الثغور وهو جوازه الثاني