@ 57 @ واعلم أنه قد يوجد هنا لبعض المؤرخين حط من رتبة أمير المسلمين وغض عليه إما في كونه كان بربريا من أهل الصحراء بعيدا عن مناحي الملك والأدب ورقة الحاشية وإما في كونه تحامل على ملوك الأندلس حتى فعل بهم ما فعل وذلك حين عاين حسن بلادهم ورفاهية عيشهم .
واعلم أن هذا الكلام جدير بالرد وأصله من بعض أدباء الأندلس الذين كانوا ينادمون ملوكها ويستظلون بظلهم ويغدون ويروحون في نعمتهم فحين فعل أمير المسلمين بسادتهم ورؤسائهم ما فعل أخذهم من ذلك ما يأخذ النفوس البشرية من الذب عن الصديق والمحاماة عن القريب حتى باللسان وإلا فقد كان أمير المسلمين رحمه الله من الدين والورع على ما قد علمت ومن ركوب الجادة وتحري طريق الحق على الوصف الذي سمعت .
وهذا ابن خلدون إمام الفن ومتحري الصدق قد نقل أن ملوك الأندلس كانوا يظلمون رعاياهم بضرب المكوس وغيرها ثم وصلوا أيديهم بالطاغية وبذلوا له الأموال في مظاهرته إياهم على أمير المسلمين ثم لم يقدم على قتالهم واستنزالهم عن سرير ملكهم حتى تعددت لديه فتاوى الأئمة الأعلام من أهل المشرق والمغرب بذلك فافهم هذا واعرفه والله تعالى يقابل الجميع بالعفو والصفح الجميل بمنه وكرمه $ بقية أخبار أمير المسلمين يوسف بن تاشفين سوى ما تقدم $ قال ابن خلكان كان أمير المسلمين يوسف بن تاشفين حازما سائسا للأمور ضابطا لمصالح مملكته مؤثرا لأهل العلم والدين كثير المشورة لهم قال وبلغني أن الإمام حجة الإسلام أبا حامد الغزالي رحمه الله لما سمع ما هو عليه من الأوصاف الحميدة وميله إلى أهل العلم عزم إلى