@ 56 @ عنه شيئا وكان دفاع لمتونة مما فت في عضده واقتحم المرابطون إشبيلية عنوة سنة أربع وثمانين وأربعمائة وتقبض سير على المعتمد وقاده أسيرا إلى مراكش فلم يزل في اعتقال يوسف بن تاشفين إلى أن هلك في محبسه من أغمات سنة تسعين وأربعمائة .
ثم عمد إلى بطليوس وتقبض على صاحبها عمر بن الأفطس فقتله وابنيه يوم الأضحى سنة تسع وثمانين وأربعمائة بما صح عنده من مداخلتهم الطاغية وأن يملكه مدينة بطليوس .
ورثاهم ألأديب أبو محمد عبد المجيد بن عبدون بقصيدته المشهورة التي يقول في أولها .
( الدهر يفجع بعد العين بالأثر % فما البكاء على الأشباح والصور ) .
وهي قصيدة غريبة في منوالها وموضوعها عدد فيها أهل النكبات ومن عثر به الزمان بما يبكي منه الجماد وتستشرف لسماعه الأنجاد والوهاد .
ثم أجاز يوسف بن تاشفين الجواز الثالث إلى الأندلس سنة تسعين وأربعمائة وزحف إليه الطاغية فبعث أمير المسلمين عساكر المرابطين لنظر محمد بن الحاج اللمتوني فانهزم النصارى أمامه وكان الظهور للمسلمين .
ثم أجاز الأمير يحيى بن أبي بكر بن يوسف بن تاشفين سنة ثلاث وتسعين وانضم إليه محمد بن الحاج وسير بن أبي بكر فافتتحوا عامة الأندلس من أيدي ملوك الطوائف ولم يبق منها إلا سرقسطة في يد المستعين بن هود معتصما بالنصارى وأغزى الأمير مزدلي صاحب بلنسية إلى بلاد برشلونة فأثخن فيها وبلغ إلى حيث لم يبلغ أحد قبله ورجع وانتظمت بلاد الأندلس في ملكة يوسف بن تاشفين وانقرض ملك الطوائف منها أجمع كان لم يكن واستولى أمير المسلمين على العدوتين معا واتصلت هزائم المرابطين على الفرنج مرارا والله غالب على أمره فهذا كلام ابن خلدون في سياقه هذه الأخبار