@ 8 @ .
وجعل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وكبحهم عن كثير من مألوفاتهم الفاسدة وشدد في ذلك فأطرحوه واستصعبوا علمه وتركوا الأخذ عنه لما جشمهم من مشاق التكليف .
فلما رأى عبد الله بن ياسين إعراضهم عنه واتباعهم لأهوائهم عزم على الرحيل عنهم إلى بلاد السودان الذين دخلوا في دين الإسلام يومئذ فلم يتركه يحيى بن إبراهيم لذلك وقال له إنما أتيت بك لأنتفع بعلمك في خاصة نفسي وما علي فيمن ضل من قومي وكان قومه ليس عندهم من الإسلام إلا الشهادة دون ما عداها من أركان الإسلام وشرائعه .
ثم قال يحيى بن إبراهيم لعبد الله بن ياسين هل لك في رأي أشير به عليك إن كنت تريد الآخرة قال وما هو قال إن ههنا جزيرة في البحر قال ابن خلدون هو بحر النيل يحيط بها من جهاتها يكون ضحضاحا في المصيف يخاض بالأقدام وغمرا في الشتاء يعبر الزوارق قال يحيى بن إبراهيم وفيها الحلال المحض من شجر البرية وصيد البر والبحر ندخل فيها ونقتات من حلالها ونعبد الله تعالى حتى نموت فقال عبد الله بن ياسين إن هذا الرأي حسن فهلم بنا فلندخلها على اسم الله فدخلها ودخل معهما سبعة نفر من كدالة وابتنى عبد الله رابطة هناك وأقام في أصحابه يعبدون الله تعالى مدة في ثلاثة أشهر فتسامع الناس بهم وأنهم اعتزلوا بدينهم يطلبون الجنة والنجاة من النار فكثر الواردون عليهم والتوابون لديهم فأخذ عبد الله بن ياسين يقرئهم القرآن ويستميلهم إلى الخير ويرغبهم في ثواب الله ويحذرهم ألم عقابه حتى تمكن حبه من قلوبهم فلم تمر عليه إلا مدة يسيرة حتى اجتمع له من التلامذة نحو ألف رجل وكان من أمرهم ما تسمعه عن قريب