@ 206 @ به ويدفنون عنده موتاهم فلم يحل لنصارى مليلية بناء العسات وغيرها إلا بمحل يشرف على تربة الولي المذكور ويكشف عنها فراودهم أهل الريف عن التخلي عن ذلك الموضع والبناء بغيره فأبوا وأصروا على الامتناع وربما لسعوهم بما أحفظهم من الكلام المؤلم على عادتهم في ذلك فإن هذا الإصبنيول منذ كانت له الغلبة في حرب تطاوين وأهل المغرب معه في عناء شديد من كثرة ما يتعنت ويتجنى عليهم ويسمعهم من محفظات الكلام وصريح الملام لا سيما أوباشهم ورعاعهم وتالله لقد سمعت أذناي من ذلك ما يضيق له الصدر ولا ينطلق به اللسان وإذا رفعت الشكاية بهم إلى أكابرهم غمصوا الحق وجادلوا بالباطل هذا دأبهم وديدنهم وإلى الله وحده المشتكى وله سبحانه العتبى حتى يرضى ولا حول ولا قوة إلا به فلما سلكوا هذا المسلك ونحوه مع أهل الريف أذاقوهم من بأسهم شديد العقاب وأليم العذاب كما هو معلوم فلما احتل السلطان أيده الله بحضرة مراكش من هذه السفرة قدم عليه وفد الإصبنيول يطلبون الإنصاف من أهل الريف في هذه النازلة واستصحبوا معهم سربا من الحمام الطيار بالمكاتيب والأخبار ودار الكلام بينهم وبين السلطان في النازلة وحكم فيها من لم يكن ذا بصيرة بمعضلات النوازل من غافل أو متغافل فوقع الفصل على أن يدفع السلطان عن دماء قتلاهم أربعة ملايين من الريال وتم الصلح على ذلك وكانوا في تلك المدة كلما دار بينهم وبين السلطان كلام في القضية أطاروا به الحمام إلى أرباب دولتهم بمادريد والله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد .
وفي آخرهذه السنة كانت وفاة السلطان مولاي الحسن بن محمد رحمة الله عليه ورضوانه فإنه خرج من مراكش فاتح ذي القعدة من السنة المذكورة غازيا قبائل البربر الذين بجبال فازاز لا سيما آيت سخمان الذين غدروا بأصحابه وابن عمه حسبما تقدم قريبا وكان رحمه الله قد قدم من حركة تافيلالت وهو مريض مرضا خفيفا في الظاهر ولكنه مزمن في الباطن فكان يتكلف معه الخروج للناس وينفذ القضايا ويجلس للوفود ويجيزهم ويفعل جميع الأمور المخزنية ثم خرج من مراكش في التاريخ المذكور على ما به