@ 199 @ الأعشاب حكم الخمر فكما لا يتجاهر بالخمر في الأسواق ونحوها كذلك لا يتجاهر باستعمال هذه الأعشاب فيها ومن فعل ذلك أدب أدبا يليق به ويرتدع به غيره فهذا أقصى ما يفعله السلطان والتوفيق بعد ذلك بيد الله وإذا تم هذا العمل في نحو ثلاث سنين فهو قريب وإذا يسر الله ذلك كان فيه بشرى للمسلمين وعنوانا لهم على تجديد دينهم ولعمري ما كان أمر الخمر في العرب إلا أرسخ من أمر هذه الأعشاب في الناس اليوم بكثير وأن الشبهة كانت فيها أقوى منها في هذه وذلك مظنة سهولة زوالها وتطهير البلاد والعباد منها وما ذلك على الله بعزيز قاله وكتبه أحمد بن خالد الناصري لطف الله به في خامس عشر ربيع الثاني سنة أربع وثلاثمائة وألف .
ثم إن السلطان أيده الله رفض التجارة فيها وأحرق ما كان محوزا لجانب المخزن منها ومنع تجار الأجناس من جلبها إلى قطر المغرب إلا القدر الذي يستعملونه في خاصة أنفسهم منها بشرط تعشيره وقصر نزوله على مرسى طنجة دون سائر المراسي المغربية والحال على ذلك لهذا العهد .
ولما دخلت سنة خمس وثلاثمائة وألف غزا السلطان مولاي الحسن أيده الله آيت ومالو من برابرة فازاز وهم بطن من صنهاجة يشتمل على أفخاذ كثيرة مثل ظيان وبني مكيلد وشقيرين وآيت سخمان وآيت يسري وغيرهم أمم لا يحصيهم إلا خالقهم قد عمروا جبال فازاز وملؤوا قننها وتحصنوا بأوعارها منذ تملك البربر المغرب قبل الإسلام بأعصار طويلة فلما كانت السنة المذكورة خرج السلطان من مكناسة الزيتون عاشر رمضان منها بقصد غزو هذه القبائل العاصية وتدويخ بلادها إذ لم تكن تبذل الطاعة إلا للواحد بعد الواحد من ملوك دول المغرب في الأعصار المتراخية حسبما يعلم مما أسلفناه في هذا الديوان من أخبارهم وأخبار غيرهم فانتهى السلطان إلى تلك الجبال ودوخها ثم إلى قصبة آدخسان التي بناها المولى إسماعيل رحمه الله فوفد عليه هناك جل تلك القبائل وبذلوا الطاعة وأظهروا الخضوع وبذلوا المؤن والأنزال للجيش والهدايا للسلطان إلا ما كان من آيت سخمان فإنهم أظهروا الطاعة أولا كغيرهم وطلبوا من السلطان أن يبعث معهم طائفة من