@ 198 @ حرم عليهم شيء أشد عليهم من الخمر ا ه إذا علمت هذا فنقول كذلك ينبغي لأمير المؤمنين أيده الله أن يسعى في تطهير رعيته من خبث هذه الأعشاب التي لا شيء أخبث منها كما أوضحته في كتاب الاستقصاء ويسلك معهم فيها سبيل التدريج صارفا همته إليه ومستعينا بالله ومتوكلا في ذلك عليه فإنه لا يصعب ذلك عليه إن شاء الله .
( إذا كان عون الله للمرء ناصرا % تهيأ له من كل صعب مراده ) .
وقال البوصيري لسيد الوجود صلى الله عليه وسلم أقول ولأمير المؤمنين من حال جده قسط والحمد لله .
( كل أمر تعنى به تغلب الأعيان % فيه ويعجب البصراء ) .
وكيفية التدريج في ذلك أن يأمر أيده الله علماء المجالس وخطباء المنابر ووعاظ الكراسي بالتواطىء على ذم تلك الأعشاب وتقبيحها في نفوس العامة وإبداء معايبها لهم وشرح مفاسدها لديهم والتغليظ في ذلك بأبلغ ما يمكن ومن قدر على تأليف ألفه أو شعر نظمه أو رسالة أنشأها ويستمرون على ذلك ثلاثة أشهر أو أربعة أو أكثر من ذلك فإن ذلك لا بد أن يؤثر في نفوس العامة بعض التأثير فإن الهمم إذا تواطأت على شيء أثرت فيه بعون الله لا سيما همم أهل الخير وفي الحديث يد الله مع الجماعة ثم بعد مضي هذه المدة وتقرر قبحها في نفوس العامة يكتب أمير المؤمنين أيده الله إلى قضاته ويأمرهم بتفقد الشهود وأئمة المساجد فمن عثروا عليه أنه يستعمل شيئا من تلك الخبائث أسقطوا شهادته وحظروا إمامته وأن لا يقبلوه ولو في اللفيف ويوالي الكتابة والاعتناء بذلك مدة مثل الأولى أو أكثر فيزداد قبحها في نفوس العامة وتعزف نفوس كثير منهم عنها ثم بعد هذا كله يكتب لولاة الأمصار وعمال البوادي أن يتقدموا إلى رعاياهم بمنع ازدراعها وادخار شيء منها أو التجارة فيه بوجه من الوجوه فإذا تم هذا الغرض على هذا الوجه تخلى هو حينئذ عن بيعها وأمر بإحراق باقيها وسد حاناتها المسماة في عرفنا بالقهاوي ويمنع الناس من استعمالها في المجامع العامة كالأسواق ونحوها ويشدد في ذلك ويعلن بالنداء في جميع الإيالة المغربية بأن حكم هذه