@ 189 @ الزبير أما دون أن أقتل بكل واحد من أهل الحجاز عشرة من أهل الشام فلا وجعل ابن الزبير يجهر بذلك فقال له الحصين أكلمك سرا وتكلمني جهرا وأدعوك إلى السلم والخلافة وتدعوني إلى الحرب والمناجزة كذب من زعم أنك داهية العرب ا ه فقد عاب عليه ذلك من جهة الرأي كما ترى وأنشد صاحب الكشاف وغيره لدى قوله تعالى ! < وإن جنحوا للسلم فاجنح لها > ! الأنفال 61 قول العباس بن مرداس رضي الله عنه .
( السلم تأخذ منها ما رضيت به % والحرب يكفيك من أنفاسها جرع ) .
وفي كتاب الفتن من صحيح البخاري ما نصه كان السلف يستحبون أن يتمثلوا بهذه الأبيات عند الفتن .
( الحرب أول ما تكون فتية % تسعى بزينتها لكل جهول ) .
( حتى إذا اشتعلت وشب ضرامها % ولت عجوزا غير ذات حليل ) .
( شمطاء ينكسر لونها وتغيرت % مكروهة للشم والتقبيل ) .
قال القسطلاني المراد أنهم يتمثلون بهذه الأبيات ليستحضروا ما شاهدوه وسمعوه من حال الفتنة فإنهم يتذكرون بإنشادها ذلك فيصدهم عن الدخول فيها حتى لا يغتروا بظاهر أمرها أولا ا ه ولا شك أن هذه حالة العامة الأغمار الذين لم تضرسهم الحروب ولا حنكتهم التجارب تجدهم إذا ظهرت مخايل فتنة نسأل الله العافية استشرفوا إليها وتمنوا خوضها وربما تألى بعضهم وقال والله لئن حضرتها لأفعلن وأفعلن وقد قال عليه الصلاة والسلام لا تتمنوا لقاء العدو وحال هذا الغمر المتألي هو الذي أفصح عنه المتنبي بقوله .
( وإذا ما خلا الجبان بأرض % طلب الطعن وحده والنزالا ) .
فهذا القطر المغربي تدارك الله رمقه على ما ترى من غاية الضعف وقلة الاستعداد فلا تنبغي لأهله المسارعة إلى الحرب مع العدو الكافر مع ما هو عليه من غاية الشوكة والقوة وقد تقرر في علم الحكمة أن المعاندة والمدافعة إنما تحصل بين المتضادين والمتماثلين ولا تحصل بين المتخالفين وحالنا اليوم مع العدو ليس من باب التضاد ولا من باب التماثل وإنما هو من