@ 188 @ مضرة المحاربة وليس من الرأي والسياسة أن يدعوك خصمك إلى السلم فتدعوه إلى الحرب ما وجدت إلى السلم سبيلا وهذا هو الذي فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية فإنه قال لأصحابه لما اغتاظوا من ذلك الصلح وقال بعضهم والله ما هذا بفتح لقد صددنا عن البيت وصد هدينا بل هو أعظم الفتوح قد رضي المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم ويسألوكم القضية ويرغبوا إليكم من الأمان إلى آخر ما قاله صلى الله عليه وسلم وإلى هذا ونحوه الإشارة بقوله تعالى ! < وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله > ! الأنفال 61 ذكر تعالى ذلك عقب قوله ! < وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل > ! الأنفال 60 إشارة إلى أن الصلح يجوز ولو كان بالمسلمين قوة واستعداد كما نبه عليه بعض المفسرين فكيف ولا قوة ولا استعداد إلا أن يتداركنا الله بلطف من عنده واختلف المفسرون هل الآية منسوخة أم لا والصحيح كما في الكشاف وغيره إن الأمر موقوف على مايرى فيه الإمام مصلحة للإسلام وأهله من حرب أو سلم وليس بحتم أن يقاتلوا أبدا أو يجابوا إلى الهدنة أبدا ا ه وهذ مذهبنا ومذهب غيرنا ولذلك جازت عندنا الهدنة وإن على مال كما مر فدلت الآية الكريمة على أن السلم أولى من الحرب وهذا هو المعلوم المسلم شرعا وطبعا أما الشرع فهذه الآية وقصة الحديبية وقوله تعالى ! < والصلح خير > ! النساء 128 وقوله ! < والفتنة أشد من القتل > ! البقرة 191 وهاتان الآيتان وإن نزلتا في شيء خاص لكن يجوز الاستشهاد بهما فيما نحن فيه وفي غيره إذ هما من الكلام الجامع الجاري مجرى المثل والحكمة وعن علي رضي الله عنه ما دعوت إلى المبارزة قط وما دعاني أحد إليها إلا أجبته فقيل له في ذلك فقال الداعي إلى الحرب باغ والباغي مصروع وأما الطبع فلا يحتاج إلى شاهد لأن كل عاقل يعلم أن السلم خير من الحرب وقد قال شريك لمعاوية رضي الله عنهما في مقاولة جرت بينهما إنك ابن حرب والسلم خير من الحرب وقال الحصين بن نمير السكوني لابن الزبير رضي الله عنه يوم مات يزيد اذهب معي إلى الشام لأدعو الناس إلى بيعتك فلا يتخلف عنك أحد فقال ابن