@ 159 @ التي ذكرنا وقصدوها على عمياء وقد ارتفع دخان البارود وغبار الخيل فتهافتوا فيها تهافت الفراش في النار لا يعلم اللاحق ما وقع بالسابق إلى أن امتلأت من الخيل والرجال والأثاث وما كادت وكان ذلك قضاء من الله وتمحيصا منه فهلك من الناس والخيل ما لا يحصى وبقيت أشلاؤهم ناشبة في تلك الأوعار تلوح مثل المجزرة وترجل السلطان أعزه الله عن فرسه حتى خلص من تلك الشقوق ثم ركب واجتمع الناس عليه وراجعوا بصائرهم بعد الكائنة ثم انشمر غياثة بعدها إلى رؤوس الجبال وتركوا المداشر والجنات فاقتحهما السلطان بعد يومين أو ثلاثة عليهم فلم يقف أمامه منهم أحد فعاث فيها وحرقها وجعلها حصيدا كأن لم تغن بالأمس وكتب أيده الله بذلك إلى الآفاق وذكر في كتابه أن الخيل والرماة قد انتسفوا بلادهم انتسافا ودوخوها أماما وخلفا حتى أشرفوا على بلاد جيرانهم وأناخوا فيها بكلكلهم وجرانهم ثم توجه السلطان نصره الله إلى نواحي وجدة فانتهى إليها أوائل شعبان من السنة فتلقاه بنو يزناسن خاضعين تائبين فعفا عنهم لكونهم ثغرا من ثغور المسلمين وعصبة تدخر لنصرة الدين إلا أنه عزل عنهم ولد البشير وبعث به مسجونا إلى فاس وولى عليهم قوادا منهم من أهل الحزم والنجدة ووظف عليهم قدرا صالحا من المال فشرعوا في دفعه في الحال والتزموا رد ما تعلق بذممهم من المظالم وصلحت أحوالهم واستقام أمر تلك الناحية ولما قضى السلطان أعزه الله غرضه منها قفل راجعا إلى فاس فدخلها ليلة السابع والعشرين من رمضان المعظم وكتب بذلك إلى الأمصار يقول هذا وقد كتبنا لكم هذا بعد القفول من حركتنا السعيدة وحلولنا بحضرتنا العالية بالله بفاس بالفتوحات الجديدة والإنعامات المزيدة حلول عز وظفر وإسعاد ونصر من لدنه لم يكن بحيلة ولا استعداد وذلك بعد الفراغ من ترتيب تلك القبائل وتطهيرها مما تعلق بها من الرذائل ونلنا بفضل الله في هذه الحركة من أثر الخير واليمن والبركة ما أثلج الصدور وحمدنا غبه في الورود والصدور وتركنا أهل تلك النواحي وساكني جبالها والضواحي على أحسن ما يكون صلاحا واطمئنانا وسلوكا للجادة المخزنية بالقلب والقالب سرا