@ 158 @ اجتمعت إليه الجنود وخرج قاصدا بلاد وجدة وبني يزناسن وكبيرهم الحاج محمد بن البشير بن مسعود وكان خروجه من فاس منتصف جمادى الثانية من السنة فاجتاز بتازا وأناخ على قبيلة غياثة جاعلا الهضبة المعروفة بذراع اللوز أمامه قبلة ووظف عليهم المؤنة قيل إنه وظف عليهم مائة صحفة من القمح والشعير فدفعوا شيئا يسيرا وعجزوا وتعللوا بأن هذا الذي جرت العادة أن يدفعوا للملوك من قبل وكانت هذه القبيلة لم يهجها هيج منذ قديم لتحصنهم بجبالهم وأوعارهم ولهم استطالة على أهل تازا يركبونهم كل خسف فظهر للسلطان أعزه الله قتالهم فقاتلهم يوم الخميس أواخر الشهر المذكور واقتحم عليهم حصنهم المعروف بالشقة وهو خندق بين جبلين فيه واد وعلى حافتيه بناءات ودور فحرق ذلك كله وهدمه وانتسف ما فيه من قمح وشعير وأدام وغير ذلك وقطع منهم رؤوسا يسيرة ولما كان الغد وهو يوم الجمعة السادس والعشرون من الشهر المذكور ركب السلطان أيده الله وركب معه أهل المحلة إلا قليلا وقدم المدافع والمهاريس أمامه واقتحم الشقة فتبعه الناس ودخلوا بلاد غياثة وتوسطوها وقاتلوا أهلها فهزموهم والسلطان أمام الجيش في موكبه فسار حتى بلغ المداشر ورمى عليها من الكور والبنب شيئا يسيرا وكانت غياثة قد وضعت الكمائن على الأنقاب وشحنوها بالرماة وتركوا منفذا واحدا يفضي إلى مهواة متلفة ذات شقوق غامضة وأشجار شائكة وصخور متراكمة لا يدرك قعرها ولا يبصرها إلا من وقف عليها ولما وغل الجيش في مزارعهم ومداشرهم خرجت الكمائن من خلفهم ورموهم عن يد واحدة بالرصاص فدهش الناس وتذكروا فعلهم القديم من الانهزام عن الملوك بلا موجب إذ لم يكن في شوكة غياثة هؤلاء وكثرتهم ما ينهزم منه ذلك الجيش اللهام ولو تلبثوا يسيرا وقاوموهم لهزموهم في الحال كما هزموهم أول مرة ولكن العادة العادة فولوا مدبرين لا يلوون على شيء وتكاثر الرصاص على موكب السلطان حتى سقط حامل الراية وجرح المولى عرفة أخو السلطان وقتل سيدي محمد بن الحبيب نقيب الأشراف بالعدوتين وأما الجيش وقواده فإنهم لما انهزموا صرفوا وجوههم إلى المهواة