@ 149 @ فقدم عليه أبو عبد الله محمد الكنتافي صاحب الجبل مستأمنا بالمرابط أبي علي الحسن بن تيمكيلشت فقابله السلطان بالعفو والصفح وأكرم وفادته وولاه على إخوانه وانقلب إلى أهله مسرورا ولما حضر عيد المولد الكريم احتفل السلطان أيده الله غاية الاحتفال على عادة أسلافه الكرام قدس الله أرواحهم وجعل في عليين عدوهم ورواحهم وتشنفت الأسماع بالأمداح النبوية في الليلة المباركة بالمسجد المعد لذلك وأنشدت قصائد لأدباء العصر وبعد العيد كسا السلطان نصره الله جميع الجيش والعسكر والكتاب حتى الأمناء والطلبة وفي مهل ربيع الثاني من السنة المذكورة خرج من مراكش يؤم بلاد الغرب فجعل طريقه على ثغر الجديدة فأقام بها أياما بعد أن زار تربة بني آمغار برباط تيط وتفقد أحوال ثغر الجديدة ووقف على أبراجها وأسوارها وباشر في الرماية بالمدفع وكان رميه صوابا بحيث أصاب الغرض أعزه الله وأهدى له جميع تجارها من المسلمين والنصارى واليهود فقبل ذلك وكافأ عليه وكان أعزه الله حين عزم على النهوض من مراكش قد كتب إلى عامله على مدينة آنفى وهو القائد الأجل الأنصح أبو عبد الله الحاج محمد بن إدريس بن حمان الجراري أن يتقدم إلى ثغر الجديدة ويقيم هنالك حتى يأمره بما يكون عليه عمله فامتثل القائد المذكور ولما قدم السلطان أعزه الله إلى الثغر المذكور اجتمع به القائد المذكور وطلب منه أن يجدد له ظهيرا بالتوقير والاحترام حسبما كان عليه هو ووالده من قبله مع السلطان الأعظم المولى عبد الرحمن وابنه السلطان المرحوم سيدي محمد رحمهما الله فأجابه أعزه الله إلى ذلك وكتب له ظهيرا يقول فيه ما نصه الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله كتابنا هذا أسماه الله وأعز أمره وجعل في الصالحات طيه ونشره يستقر بيد ماسكه خديمنا الأرضى الطالب محمد بن إدريس الجراري ويتعرف منه أننا بحول الله وقوته أنزلناه المنزلة التي كان بها هو ووالده عند أسلافنا الكرام ولحظناه بعين الرعاية والبرور والاحترام هو وأولاده وإخوته فلا يروا من جانبنا العالي بالله إلا الخير لأنهم خدام أبناء خدام ودارهم دار المحبة والنصيحة فلا نسلمهم ولا نفوتهم ولا نضيع لهم