@ 136 @ المنصورة وأعلامه المنشورة بمسافة بعيدة إلى أن دخلت فم الخنيق الذي هو أول بني مكيلد فاستباحت هنالك حلاتهم وطارت برؤوس عناتهم ومزقتهم في أعز مكانهم كل ممزق وقبضت منهم على عدد وافر من الأسرى بعث به السلطان أعزه الله إلى الأمصار فكانت عبرة لأولي الأبصار وكان إيقاعه ببني مطير منتصف محرم فاتح سنة إحدى وتسعين ومائتين وألف واستمر مقيما بمكناسة إلى فاتح ربيع الأول منها وفي يوم الاثنين ثالث الشهر المذكور نهض أيده الله إلى فاس فدخلها يوم الخميس السادس منه بعد ما تلقاه أشرافها وأعلامها وأعيانها وجميع رماتها حتى النساء والصبيان مع العامل والقاضي واجتمعت به مقدمتهم بوادي النجاة فألان جانبه لهم وتنزل لملاقاتهم تطييبا لنفوسهم ولما وصل إلى البلد لم يعرج على شيء دون قصد ضريح المولى إدريس رضي الله عنه وزيارته والتبرك به وانهار عليه الضعفاء والنساء والصبيان يقبلون أطرافه ويتمسحون بأذياله وقدم الذبائح للحرم الإدريسي وغيره وأفاض من العطايا على الضعفاء والمساكين ما جاوز الحصر وكان يوم دخوله يوما مشهودا وموسما من مواسم الخيرات معدودا وعيد بفاس عيد المولد الكريم وقدمت عليه الوفود من كل ناحية واجتمعت ببابه وجوه القبائل من كل قاصية ودانية وازدان العصر وعم الفتح والنصر واستقامت الأمور ونادى منادي السرور في الخاص والجمهور ولما فرغ السلطان أعزه الله من شأن العيد أمر أمينه أبا العباس أحمد بن محمد ابن شقرون المراكشي أن يرتب الوظيف المجعول على أبواب فاس وأسواقها على ما كان عليه في حياة السلطان سيدي محمد رحمه الله ففعل وكان ذلك أواخر الشهر المذكور ولما جلست الأمناء كل بمحله واستقامت الأحوال وذهبت الأهوال ثقل ذلك على الدباغين ومرضوا فيه وذهبوا إلى الشريف الفقيه المولى عبد الملك الضرير وقالوا له أنت الذي أوقعتنا في هذا كله بضمانك إسقاط المكس أولا حتى صدر منا في حق بنيس ما صدر والآن أخرجنا مما أوقعتنا فيه أما بإسقاط المكس وأما بإخراج بنيس من بين أظهرنا لئلا تدول له دولة علينا والرجل قد صار عدوا لنا فقام الفقيه المذكور وقدم على السلطان