@ 131 @ لسماع ما فيه وأنصت لقراءته ذو المروءة والسفيه والجامع غاص بأهله وكل حال بمحله فلما قرىء الكتاب تبين أن صدره مدح وعجزه لوم وعتاب فاشتمل على بسط وجمال وقبض وجلال وجمع بين ترغيب وترهيب فارتاب منه كل مريب فلما تم وختم وتقرر كل ما فيه وعلم تفرقت الجماعات أفواجا وارتجت المدينة ارتجاجا وحصل للناس بذلك الجزع وعمهم الخوف والفزع والذي أوقع الناس في ذلك ما في الكتاب من الأمر بتدارك ما وقع ففهموا أن ذلك برد ما ضاع وقد تفرق في الآفاق وما اجتمع وذلك غير ممكن كما سيتبين والحق أوضح وأبين من أن يبين على أن المقصود بذلك والمراد حسم مادة الفساد لينقطع من جماعة السفهاء عداؤها ولئلا تتقد نار الفتنة فيتعذر إطفاؤها أما ما وقع في قضية الحاج محمد بنيس حتى أفضى به الحال إلى الاحترام بمولانا إدريس وفعل بأمكنته الفعل الخسيس وليم بسببه المرؤوس والرئيس حتى توجهت الحجة على مسموع الكلمات إذ هي متوجهة من جهات فقد تندفع الحجة بشرح القضية على وجهها وإيرادها على مقتضى كنهها من غير قلب للحقيقة ولا خروج عن متن الطريقة وفي كريم علم سيدنا أن للإنسان أعذارا يرتفع عنه بها الملام ولا يعاتب معها ولا يلام وذلك أن ما وقع من النهب وقع بغتة في يوم يستعظم شاهده وصفه ونعته والمدينة وقتئذ عامرة بالبادية والحاضرة ولا معرفة لنا بمن نهب ولا بمن أتى ولا بمن ذهب أمر أبرزته القدرة لم يمكنا تلافيه ولم يفد فيه نهي سفيه فلو صدر ذلك من آحاد معينين وأفراد مخصوصين لأمكن الانتصاف وانتزع منهم ما أخذوه من غير اعتساف لكن الأمر برز وصدر من قوم مختلطين من بدو وحضر فيهم الأبيض والأسود والأحمر وما منهم إلا من أستأسد وتنمر وليس في وجوههم من الحياء علامة ولا أثر لا يقلبون موعظة إذ ليسوا من أهل الفكر فلا يمكن دفعهم إلا بجيش عظيم وعسكر يصاح فيهم بالنهي وهم في طغيانهم يعمهون ولا يلتفتون إلى من نهاهم بل لا يشعرون ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ثم لما كان اليوم العاشر من شهر تاريخه وقع